للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَيْضًا وَمُوَطَّأِ مَالِكٍ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفِيهِ «مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أَعْطَى اللَّهُ أَحَدًا عَطَاءً هُوَ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنْ الصَّبْرِ» .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» . الْعَرَضُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ هُوَ مَا يُقْتَنَى مِنْ الْمَالِ وَغَيْرِهِ. وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:

خَبَرْت بَنِي الدُّنْيَا فَلَمْ أَرَ مِنْهُمْ ... سِوَى خَادِعٍ وَالْخُبْثُ حَشْوُ إهَابِهِ

فَجَرَّدْت عَنْ غِمْدِ الْقَنَاعَةِ صَارِمًا ... قَطَعْت رَجَائِي مِنْهُمْ بِذُبَابِهِ

فَلَا ذَا يَرَانِي وَاقِفًا بِطَرِيقِهِ ... وَلَا ذَا يَرَانِي قَاعِدًا عِنْدَ بَابِهِ

غَنِيٌّ بِلَا مَالٍ عَنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ ... وَلَيْسَ الْغِنَى إلَّا عَنْ الشَّيْءِ لَا بِهِ

وَقَالَ غَيْرُهُ وَأَحْسَنَ:

إذَا أَعْطَشَتْك أَكُفُّ اللِّئَامِ ... كَفَتْك الْقَنَاعَةُ شِبَعًا وَرِيَّا

فَكُنْ رَجُلًا رِجْلُهُ فِي الثَّرَى ... وَهَامَةُ هِمَّتِهِ فِي الثُّرَيَّا

وَقَالَ آخَرُ وَأَحْسَنَ:

وَمَنْ يَطْلُبْ الْأَعْلَى مِنْ الْعَيْشِ لَمْ يَزَلْ ... حَزِينًا عَلَى الدُّنْيَا رَهِينَ غُبُونِهَا

إذَا شِئْت أَنْ تَحْيَا سَعِيدًا فَلَا تَكُنْ ... عَلَى حَالَةٍ إلَّا رَضِيت بِدُونِهَا

وَقَالَ هَارُونُ بْنُ جَعْفَرٍ:

بُوعِدَتْ هِمَّتِي وَقُورِبَ مَالِي ... فَفِعَالِي مُقْصَرٌ عَنْ مَقَالِي

مَا اكْتَسَى النَّاسُ مِثْلَ ثَوْبِ اقْتِنَاعِ ... وَهُوَ مِنْ بَيْنِ مَا اكْتَسَوْا سِرْبَالِي

وَلَقَدْ تَعْلَمُ الْحَوَادِثُ أَنِّي ... ذُو اصْطِبَارٍ عَلَى صُرُوفِ اللَّيَالِي

وَقَالَ: مُؤَيِّدُ الدِّينِ فَخْرُ الْكِتَابِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الْأَصْفَهَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالطُّغْرَاوِيِّ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ نِسْبَةً إلَى مَنْ يَكْتُبُ (الطُّغْرَا) - وَهِيَ الطُّرَّةُ الَّتِي تُكْتَبُ فِي أَعْلَى الْكُتُبِ فَوْقَ الْبَسْمَلَةِ بِالْقَلَمِ الْغَلِيظِ تَتَضَمَّنُ نُعُوتَ الْمَلِكِ وَأَلْقَابَهُ - فِي قَصِيدَتِهِ اللَّامِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ بِلَامِيَّةِ الْعَجَمِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>