للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامُ الْوَزِيرُ عَوْنُ الدِّينِ بْنُ هُبَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ سَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ فَقَدْ أَمَّنَهُ، فَالْفَارِسُ أَقْوَى مِنْ الرَّاجِلِ، فَأُمِرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِسَلَامِ الْأَقْوَى عَلَى الْأَضْعَفِ، وَسَلَامُ الْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ أَقَلُّ حَرَجًا، هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ.

وَإِنَّ سَلَّمَ الْمَأْمُورُ بِالرَّدِّ مِنْهُمْ ... فَقَدْ حَصَّلَ الْمَسْنُونَ إذْ هُوَ مُبْتَدِي

(وَإِنْ) عُكِسَ الْأَمْرُ بِأَنْ (سَلَّمَ) أَيْ ابْتَدَأَ السَّلَامَ (الْمَأْمُورُ بِالرَّدِّ) أَيْ بِرَدِّ السَّلَامِ لِيَكُونَ ضِدَّهُمْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْمُسَلِّمِينَ الْمَأْمُورِينَ بِنَشْرِ السَّلَامِ بِأَنْ ابْتَدَأَ بِالسَّلَامِ الْكَثِيرُ عَلَى الْقَلِيلِ، وَالْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْجَالِسُ عَلَى الْمَاشِي وَالْمَاشِي عَلَى الرَّاكِبِ (فَقَدْ حَصَلَ) الْأَمْرُ (الْمَسْنُونَ إذْ هُوَ) أَيْ الْمُسَلِّمُ (مُبْتَدِي) فَحَصَّلَ بِالسَّلَامِ مَنْ قُلْنَا يَبْدَأُ غَيْرُهُ السُّنَّةَ بِسَلَامِهِ وَصَارَ مُبْتَدِئًا يَعْنِي حَصَّلَ أَصْلَ السُّنَّةِ غَيْرَ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَبْدَأَ بِالسَّلَامِ الْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ كَمَا ذَكَرْنَا.

وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ ابْنِ مُفْلِحٍ هُنَا تَرَدُّدٌ فِي فَهْمِ شَأْنِ هَذَا الْبَيْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا تَرَى.

وَمُرَادُ النَّاظِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَنْ ابْتَدَأَ بِالسَّلَامِ مِنْ نَحْوِ الْجَالِسِ وَالْكَثِيرِ إلَخْ فَقَدْ حَصَّلَ الْمَسْنُونَ وَفَازَ بِالْأَجْرِ الْمَضْمُونِ، وَحَازَ الْفَضْلَ الْمَكْنُونَ فِي الِابْتِدَاءِ؛ إذْ الِابْتِدَاءُ أَفْضَلُ مِنْ الرَّدِّ كَمَا قَدَّمْنَا فَلَا تَوَقُّفَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ فُقَهَاؤُنَا: وَسُنَّ حِرْصُ مُتَلَاقِيَيْنِ عَلَى بُدَاءَةِ سَلَامٍ، فَإِنْ بَدَأَ كُلٌّ صَاحِبَهُ مَعًا وَجَبَ الرَّدُّ عَلَى كُلٍّ وَسُنَّ لِمَنْ تَلَاقَوْا بِطَرِيقٍ أَنْ يُسَلِّمَ صَغِيرٌ وَقَلِيلٌ وَمَاشٍ وَرَاكِبٌ.

قَالَ فِي الْغَايَةِ: وَيُتَّجَهُ وَمُنْحَدَرٌ عَلَى ضِدِّهِمْ، فَإِنَّ عُكِسَ حَصَلَتْ السُّنَّةُ وَيُسَلِّمُ وَارِدٌ عَلَى ضِدِّهِ مُطْلَقًا يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْوَارِدُ أَكْثَرَ مِنْ ضِدِّهِ أَوْ أَقَلَّ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا، كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا.

وَظَاهِرُ النَّظْمِ لَوْ سَلَّمَ الْجَالِسُ عَلَى الْوَارِدِ لَحَصَّلَ أَصْلَ السُّنَّةِ، وَعِبَارَةُ الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ تُعَيِّنُ كَوْنَ السَّلَامِ مِنْ الْوَارِدِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَمَّا إذَا وَرَدُوا عَلَى قَاعِدٍ أَوْ قُعُودٍ فَإِنَّ الْوَارِدَ يَبْدَأُ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ أَشَارَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى مَسْنُونِيَّةِ السَّلَامِ عَلَى مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِ قَوْمٍ فَقَالَ:

وَسَلِّمْ إذَا مَا قُمْت عَنْ حَضْرَةِ امْرِئٍ ... وَسَلِّمْ إذَا مَا جِئْت بَيْتَك تَهْتَدِ

(وَسَلِّمْ) اسْتِحْبَابًا كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ.

وَهَلْ يَكُونُ مِنْ جَمَاعَةٍ سُنَّةَ كِفَايَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>