لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ كَذَلِكَ لَا سُنَّةَ عَيْنٍ فَيَطْلُبُ مِنْ كُلِّ مَنْ قَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ عَلَى حِدَتِهِ.
نَعَمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ كَابْتِدَائِهِ لِلْقَادِمِينَ وَنَحْوِهِمْ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَادِمِينَ إلَى مَجْلِسِ قَوْمٍ وَالْقَائِمِينَ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(إذَا مَا) تَقَدَّمَ أَنَّ إذَا ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الزَّمَانِ وَمَا زَائِدَةٌ، كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: ٣٧] (قُمْت) عِنْدَ انْصِرَافِك (عَنْ حَضْرَةِ امْرِئٍ) مُسْلِمٍ غَيْرِ وَاجِبِ الْهَجْرِ وَلَا مَنْدُوبِهِ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ لَفْظَةِ (عَنْ) هِيَ لِلْمُفَارَقَةِ وَالْمُجَاوَزَةِ أَيْ إذَا قُمْت مِنْ مَجْلِسِ قَوْمٍ وَاحِدًا وَاحِدًا فَصَاعِدًا فَسَلِّمْ عِنْدَ انْصِرَافِك وَمُفَارَقَتِك لِمَجْلِسِهِمْ، لِمَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ، فَلَيْسَتْ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنْ الثَّانِيَةِ» . وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَزَادَ فِيهِ رَزِينٌ «وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ حِينَ يَقُومَ عَنْهُمْ كَانَ شَرِيكَهُمْ فِيمَا خَاضُوا فِيهِ مِنْ الْخَيْرِ بَعْدَهُ» .
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ فَايِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «حَقٌّ عَلَى مَنْ قَامَ عَلَى جَمَاعَةٍ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ، وَحَقٌّ عَلَى مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسٍ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَامَ رَجُلٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَكَلَّمُ فَلَمْ يُسَلِّمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ» .
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: يَا بُنَيَّ إذَا كُنْت فِي مَجْلِسٍ تَرْجُو خَيْرَهُ فَعَجَّلَتْ بِك حَاجَةٌ فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَإِنَّك شَرِيكُهُمْ فِيمَا يُصِيبُونَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مَوْقُوفًا هَكَذَا، وَمَرْفُوعًا وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ فَقَالَ: عَشْرُ حَسَنَاتٍ، ثُمَّ مَرَّ آخَر فَقَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَقَالَ: عِشْرُونَ حَسَنَةً، ثُمَّ مَرَّ آخَرُ فَقَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ: ثَلَاثُونَ حَسَنَةً، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمَجْلِسِ وَلَمْ يُسَلِّمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute