مِثْلُهُ، مَا رَأَيْت رَجُلًا أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ مِنْهُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حُجَّةٌ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ عَبِيدِهِ فِي أَرْضِهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيّ: مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الْعِلْمِ وَالزُّهْدِ وَالْفِقْهِ وَالْمَعْرِفَةِ وَكُلِّ خَيْرٍ، مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: مَا رَأَيْت أَحَدًا أَجْمَعَ مِنْهُ، وَمَا رَأَيْت أَحَدًا أَكْمَلَ مِنْهُ. وَقَالَ الْمُزَنِيّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ الرِّدَّة، وَعُمَرُ يَوْمَ السَّقِيفَةِ، وَعُثْمَانُ يَوْمَ الدَّارِ، وَعَلِيٌّ يَوْمَ صِفِّينَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ: رَأَيْت مِائَتَيْ شَيْخٍ مِنْ مَشَايِخِ الْعِلْمِ فَمَا رَأَيْت مِثْلَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، لَمْ يَخُضْ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَخُوضُ فِيهِ النَّاسُ، فَإِذَا ذُكِرَ الْعِلْمُ تَكَلَّمَ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي زَمَانِهِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي زَمَانِهِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي زَمَانِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ: لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَرُدُّوهُ إلَى عَالِمِهِ» رَدَدْنَاهُ إلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَكَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ وَمَآثِرُهُ شَهِيرَةٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَنَفَعَنَا بِمَحَبَّتِهِ. وَقَدْ صَنَّفَ فِي مَنَاقِبِهِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ جَمَاعَةٌ كَابْنِ مَنْدَهْ، وَالْبَيْهَقِيِّ، وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْأَنْصَارِيِّ، وَابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَابْنِ نَاصِرٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَمَنَاقِبُهُ وَإِمَامَتُهُ وَمَآثِرُهُ وَسِيَادَتُهُ وَبَرَاعَتُهُ وَزَهَادَتُهُ وَرِوَايَتُهُ وَدِرَايَتُهُ وَمَجْمُوعُ مَحَاسِنِهِ كَالشَّمْسِ إلَّا أَنَّهَا لَا تَغْرُبُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَحَشَرَنَا فِي زُمْرَتِهِ آمِينَ. وُلِدَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِنَحْوٍ مِنْ سَاعَتَيْنِ مِنْ النَّهَارِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةٍ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَمُدَّةُ حَيَّاتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَوَهَمَ الْمُنَاوِيُّ فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَقَالَ سَبْعٌ وَثَمَانُونَ، فَزَادَ عَلَى عُمْرِهِ عَشْرَ سِنِينَ، وَهُوَ سَبْقٌ بِلَا شَكٍّ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
صَنَّفَ الْمُسْنَدَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ غَيْرَ الْمُكَرَّرِ وَالتَّفْسِيرَ مِائَةَ أَلْفٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute