للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَئِمَّةِ عَنْ مِعْشَارِ عُشْرِ ذَلِكَ فَأَحْجَمَ عَنْ الْجَوَابِ عَنْ أَكْثَرِهَا.

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْإِمَامُ الصَّرْصَرِيُّ فِي لَامِيَّتِهِ بِقَوْلِهِ:

حَوَى أَلْفَ أَلْفٍ مِنْ أَحَادِيثَ أُسْنِدَتْ ... وَأَثْبَتَهَا حِفْظًا بِقَلْبٍ مُحَصِّلِ

أَجَابَ عَلَى سِتِّينَ أَلْفَ قَضِيَّةٍ ... بِأَخْبَرِنَا لَا مِنْ صَحَائِفَ نُقَّلِ

وَكَانَ إمَامًا فِي الْحَدِيثِ وَحُجَّةً ... لِنَقْدٍ صَحِيحٍ ثَابِتٍ وَمُعَلَّلِ

وَكَانَ إمَامًا فِي كِتَابٍ وَسُنَّةٍ ... وَعِلْمٍ وَزُهْدٍ كَامِلٍ وَتَوَكُّلِ

فَمَنْهَجُهُ فِي الْحَقِّ أَقْوَمُ مَنْهَجٍ ... وَمَوْرِدُهُ فِي الشَّرْعِ أَعْذَبُ مَنْهَلِ

وَهُدِّدَ فِي الْقُرْآنِ بِالسَّوْطِ وَالظُّبَا ... فَلَمْ يَخْشَ مِنْ تَهْدِيدِ سَوْطٍ وَمِنْصَلِ

فَمَا قَالَ شَيْئًا لَمْ يَقُلْ مُتَصَدِّيًا ... لِنَصْرِ الْهُدَى فَرْدًا عَلَى أَلْفِ جَحْفَلِ

وَمَنْ قَالَ فِي دِينِ الْهُدَى مُتَخَرِّصًا ... بِآرَائِهِ مَا لَمْ يَقُلْ لَمْ يَعْدِلْ

فَقَدْ كَانَ كَالصِّدِّيقِ فِي يَوْمِ رِدَّةٍ ... وَعُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ فِي الصَّبْرِ إذْ بُلِي

وَفِي الضَّرْبِ إذْ حُلَّتْ سَرَاوِيلُهُ دَعَا ... فَمَا فَارَقَتْ حَقْوَيْ مُحِقٍّ مُسَرْوَلِ

وَسَافَرَ مِنْ بَغْدَادَ مِنْ وَرَعٍ إلَى ... خُرَاسَانَ فِي رَدِّ الْيَرَاعِ الْمُسَجَّلِ

وَمِنْ وَرَعٍ قَدْ كَانَ يَطْوِي ثَمَانِيًا ... مُوَاصَلَةً فِي عَسْكَرِ الْمُتَوَكِّلِ

هُوَ الْعَلَمُ الْمَشْهُورُ لَمْ يَطْوِ ذِكْرَهُ ... مَمَاتٌ بَلْ اسْتَعْلَى عَلَى كُلِّ مُعْتَلِ

إمَامٌ عَظِيمٌ كَانَ لِلَّهِ حُجَّةً ... عَلَى نَفْيِ تَشْبِيهٍ وَدَحْضٍ مُعَطِّلِ

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ - رَحِمَ اللَّهُ رُوحَهُ -: إنَّ سَيِّدِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ أَمَرَنِي أَنْ لَا أُحَدِّثَ إلَّا مِنْ كِتَابٍ. وَقَالَ إنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَعَزَّ هَذَا الدِّينَ بِرَجُلَيْنِ لَيْسَ لَهُمَا ثَالِثٌ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَوْمَ الرِّدَّةِ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَوْمَ الْمِحْنَةِ.

وَقَالَ: مَا قَامَ أَحَدٌ بِأَمْرِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَامَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قِيلَ يَا أَبَا الْحَسَنِ وَلَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ؟ قَالَ وَلَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، إنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ لَهُ أَعْوَانٌ وَأَصْحَابٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْوَانٌ وَلَا أَصْحَابٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إمَامُنَا إنِّي لَأَتَزَيَّنُ بِذِكْرِهِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَنَا أَنْظُرُ رَجُلًا عِنْدَهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ مَنْ قَالَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ فَقُلْت مَنْ لَيْسَ فِي شَرْقٍ وَلَا غَرْبٍ مِثْلُهُ، قَالَ مَنْ؟ قُلْت أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ صَدَقَ لَيْسَ فِي شَرْقٍ وَلَا غَرْبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>