للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ تَلَطَّفَ مَنْ قَالَ وَأَفَادَ اسْتِجْلَابَ وُدِّهِنَّ بِالْمَالِ:

وَخُودٌ دَعَتْنِي إلَى وَصْلِهَا ... وَعَصْرُ الشَّبِيبَةِ مِنِّي ذَهَبَ

فَقُلْت مَشِيبِي لَا يَنْطَلِي ... فَقَالَتْ بَلَى يَنْطَلِي بِالذَّهَبِ

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الْبَصْرِيُّ وَأَنْشَدَهُمَا الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ الثَّقَفِيَّ الْخَبِيثَ:

فَمَا مِنْك الشَّبَابُ وَلَسْت مِنْهُ ... إذَا سَأَلَتْك لِحْيَتُك الْخِضَابَا

وَمَا يَرْجُو الْكَبِيرُ مِنْ الْغَوَانِي ... إذَا ذَهَبَتْ شَبِيبَتُهُ وَشَابَا

فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ الْخَبِيثُ فَضَحْتَنَا عِنْدَ النِّسَاءِ وَقَالُوا:

وَخَيَّرَهَا أَبُوهَا بَيْنَ شَيْخٍ ... كَثِيرِ الْمَالِ أَوْ حَدَثٍ صَغِيرِ

فَقَالَتْ إنْ عَزَمْت فَكُلُّ شَيْءٍ ... أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ وَجْهِ الْكَبِيرِ

وَقَالَ غَيْرُهُ:

وَلَمَّا رَأَيْت شَيْبَ رَأْسِي بَدَا ... فَقَالَتْ عَسَى غَيْرَ هَذَا عَسَى

فَقُلْت الْبَيَاضُ لِبَاسُ السُّرُورِ ... وَأَمَّا السَّوَادُ لِبَاسُ الْأَسَى

فَقَالَتْ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ ... قَلِيلُ النَّفَاقِ بِسُوقِ النَّسَا

وَقَالَ آخَرُ:

لَكَلْبٌ عَقُورٌ أَسْوَدُ اللَّوْنِ حَالِكٌ ... عَلَى صَدْرِ سَوْدَاءِ الذَّوَائِبِ كَاعِبِ

أَحَبُّ إلَيْهَا مِنْ مُعَانَقَةِ الَّذِي ... لَهُ لِحْيَةٌ بَيْضَاءُ بَيْنَ التَّرَائِبِ

(الثَّانِيَةُ) قَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ دَدَهْ فِي أَوَائِلِهِ: أَوَّلُ مَنْ خَضَّبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

وَفِي أَوَائِلِهِ كَالسُّيُوطِيِّ: أَوَّلُ مَنْ خَضَّبَ بِالسَّوَادِ فِرْعَوْنُ. وَأَوَّلُ مَنْ خَضَّبَ بِالسَّوَادِ فِي الْإِسْلَامِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَكَانَ عَهْدُهُمْ أَنَّهُ أَبْيَضُ الشَّعْرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهُ. قَالَ السُّيُوطِيّ: وَأَوَّلُ مَنْ خَضَّبَ بِالْوَسْمَةِ بِمَكَّةَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، قِيلَ لَهُ لَمَّا نَزَلَ الْيَمَنَ هَلْ لَك أَنْ تُغَيِّرَ هَذَا الْبَيَاضَ فَتَعُودُ شَابًّا، فَخَضَّبَ فَدَخَلَ مَكَّةَ كَأَنَّ شَعْرَهُ حَلْكُ غُرَابٍ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ النِّسَاءِ يَا شَيْبَةَ الْحَمْدِ لَوْ دَامَ لَك هَذَا لَكَانَ حَسَنًا، فَأَنْشَدَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>