وَأَخْجَلَنِي مِنْ مَقَامٍ لَسْت أُنْكِرُهُ ... إذَا بَدَا لِي عَلَى رُوسِ الْمَلَا زَلَلِي
يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ خُذْ بِيَدِي ... إنِّي أَتَيْت بِلَا عِلْمٍ وَلَا عَمَلِ
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ رِزْقُ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ٤٨٨ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ:
وَمَا شَنَآنُ الشَّيْبِ مِنْ أَجْلِ لَوْنِهِ ... وَلَكِنَّهُ حَادٍ إلَى الْبَيْنِ مُسْرِعُ
إذَا مَا بَدَتْ مِنْهُ الطَّلِيعَةُ آذَنَتْ ... بِأَنَّ الْمَنَايَا خَلْفَهَا تَتَطَلَّعُ
فَإِنْ قَصَّهَا الْمِقْرَاضُ صَاحَتْ بِأُخْتِهَا ... فَتَظْهَرُ تَتْلُوهَا ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُ
وَإِنْ خُضِّبَتْ حَالَ الْخِضَابِ لِأَنَّهُ ... يُغَالِبُ صُنْعَ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَصْنَعُ
فَيُضْحِي كَرِيشِ الدِّيكِ فِيهِ تَلَمُّعٌ ... وَأَفْظَعُ مَا يُكْسَاهُ ثَوْبٌ مُلَمَّعُ
إذَا مَا بَلَغْت الْأَرْبَعِينَ فَقُلْ لِمَنْ ... يَوَدُّك فِيمَا تَشْتَهِيه وَيُسْرِعُ
هَلُمُّوا لِنَبْكِيَ قَبْلَ فُرْقَةِ بَيْنِنَا ... فَمَا بَعْدَهَا عَيْشٌ لَذِيذٌ وَمَجْمَعُ
وَخَلِّ التَّصَابِيَ وَالْخَلَاعَةَ وَالْهَوَى ... وَأُمَّ طَرِيقَ الْحَقِّ فَالْحَقُّ أَنْفَعُ
وَخُذْ جُنَّةً تُنْجِي وَزَادًا مِنْ التُّقَى ... وَصُحْبَةَ مَأْمُونٍ فَقَصْدُك مُفْزِعُ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَرَبَ مَا بَكَتْ عَلَى شَيْءٍ مَا بَكَتْ عَلَى الشَّبَابِ. وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ:
شَيْئَانِ لَوْ بَكَتْ الدُّمُوعَ عَلَيْهِمَا ... عَيْنَايَ حَتَّى يُؤْذِنَا بِذَهَابِ
لَمْ يَبْلُغَا الْمِعْشَارَ مِنْ حَقَّيْهِمَا ... فَقْدُ الشَّبَابِ وَفُرْقَةُ الْأَحْبَابِ
وَمِنْ الْبُكَاءِ عَلَى الشَّبَابِ قَوْلُ أَبِي الْغُصْنِ الْأَسَدِيِّ وَهُوَ أَبْكَى بَيْتٍ قِيلَ فِيهِ:
تَأَمَّلْ رَجْعَةَ الدُّنْيَا سِفَاهًا ... وَقَدْ صَارَ الشَّبَابُ إلَى الذَّهَابِ
فَلَيْتَ الْبَاكِيَاتِ بِكُلِّ أَرْضٍ ... جُمِعْنَ لَنَا فَنُحْنَ عَلَى الشَّبَابِ
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْمُرْتَضَى:
ضَحِكَ الْمَشِيبُ بِرَأْسِهِ ... فَبَكَى بِأَعْيُنِ كَأْسِهِ
رَجُلٌ تَخَوَّنَهُ الزَّمَا ... نُ بِبُؤْسِهِ وَبِبَأْسِهِ
فَجَرَى عَلَى غُلَوَائِهِ ... طَلْقَ الْجُمُوحِ بِفَأْسِهِ
وَمِنْ كَلَامِ دِعْبِلٍ فِي الشَّيْبِ: