وَحَسَّنَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ» وَأَبُو دَاوُد عَنْ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَغْلَةٍ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ أَحْمَرُ» أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهِ النَّجَاةُ وَالِانْتِفَاعُ. وَحَدِيثُ رَافِعٍ فِي إسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ تِلْكَ كَانَتْ مُعَصْفَرَةً فَكَرِهَهَا لِذَلِكَ، وَإِنْ قُدِّرَ التَّعَارُضُ فَأَحَادِيثُ الْإِبَاحَةِ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ، وَالْأَخْذُ بِهَا أَوْلَى وَأَرْجَحُ.
قُلْت: مَا قُلْته غَيْرُ بَعِيدِ الصَّوَابِ، وَلَكِنْ قَدْ قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ: غَلِطَ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْحُلَّةَ كَانَتْ حَمْرَاءَ بَحْتًا لَا يُخَالِطُهَا غَيْرُهَا، وَإِنَّمَا الْحُلَّةُ الْحَمْرَاءُ بُرْدَانِ يَمَانِيَّانِ مَنْسُوجَانِ بِخُطُوطٍ حُمْرٍ مَعَ الْأَسْوَدِ كَسَائِرِ الْبُرُودِ الْيَمَنِيَّةِ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِهَذَا الِاسْمِ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا مِنْ الْخُطُوطِ وَإِلَّا فَالْأَحْمَرُ الْبَحْتُ نُهِيَ عَنْهُ أَشَدَّ النَّهْيِ انْتَهَى. فَهَذَا يُبَيِّنُ لَك بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ مَا كَانَ فِيهَا خُطُوطٌ حُمْرٌ وَنَحْنُ اعْتَبَرْنَا كَوْنَهُ أَحْمَرَ مُصْمَتًا حَتَّى يَكُونَ مَكْرُوهًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) الثَّوْبُ (الْمُعَصْفَرُ) ، وَهُوَ الْمَصْبُوغُ بِالْعُصْفُرِ، وَهُوَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ نَبْتٌ يَهْرِي اللَّحْمَ الْغَلِيظَ وَبَذْرُهُ الْقُرْطُمُ، قَالَ: وَعَصْفَرَ ثَوْبَهُ صَبَغَهُ بِهِ فَتَعَصْفَرَ، انْتَهَى. (فَاكْرَهَنْ) فِعْلُ أَمْرٍ مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ (لِلُبْسِ رِجَالٍ حَسْبُ) أَيْ فَقَطْ دُونَ النِّسَاءِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُنَّ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ (فِي نَصِّ) الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ فِي الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: إلَّا فِي إحْرَامٍ فَلَا يُكْرَهُ انْتَهَى.
وَدَلِيلُ الْكَرَاهَةِ مَا رَوَى الْإِمَامُ عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لِبَاسِ الْمُعَصْفَرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا. وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ، وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute