قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْمُعَصْفَرَ لِلرِّجَالِ كَرَاهَةً شَدِيدَةً. قَالَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ أُمُّك أَمَرَتْك بِهَذَا؟ قُلْت: أَغْسِلُهُمَا قَالَ: بَلْ أَحْرِقْهُمَا» . وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْمُوَفَّقِ لَا يُكْرَهُ الْمُعَصْفَرُ وِفَاقًا لِلثَّلَاثَةِ. وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْفُرُوعِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمَذْهَبُ يُكْرَهُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الثِّيَابِ الْمُعَصْفَرَةِ، وَهِيَ الْمَصْبُوغَةُ بِعُصْفُرٍ، فَأَبَاحَهَا جَمِيعُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَلَكِنَّهُ قَالَ: غَيْرُهَا أَفْضَلُ مِنْهَا. وَجَاءَتْ رِوَايَةٌ عَنْهُ أَنَّهُ أَجَازَ لِبَاسَهَا فِي الْبُيُوتِ وَأَفْنِيَةِ الدُّورِ وَكَرِهَهُ فِي الْمَحَافِلِ، وَالْأَسْوَاقِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: هُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَحَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى هَذَا وَلَمَّا ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. قَالَ: فَلَوْ بَلَغَ الشَّافِعِيَّ لَقَالَ بِهِ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ كَعَادَتِهِ انْتَهَى.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَقَدْ كَرِهَ الْمُعَصْفَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَرَخَّصَ فِيهِ جَمَاعَةٌ. وَمِمَّنْ قَالَ بِكَرَاهَتِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْحَلِيمِيُّ. وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ هُوَ الْأَوْلَى، وَقَالَ: قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَتْقَنَ الْبَيْهَقِيُّ الْمَسْأَلَةَ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا تَكْرَهَنْ فِي نَصِّهِ مَا صَبَغْتَهُ ... مِنْ الزَّعْفَرَانِ الْبَحْتِ لَوْنَ الْمُوَرَّدِ
(وَلَا) نَاهِيَةٌ (تَكْرَهَنْ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ بِلَا مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ (فِي نَصِّهِ) أَيْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (مَا) أَيْ الثَّوْبَ الَّذِي (صَبَغْتَهُ) أَيْ أَنْتَ أَوْ غَيْرُك، فَالْمُرَادُ عَدَمُ كَرَاهَةِ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ (مِنْ) أَيْ بِ (الزَّعْفَرَانِ) هُوَ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَإِذَا كَانَ فِي بَيْتٍ لَا يَدْخُلُهُ سَامٌّ أَبْرَصُ، وَزَعْفَرَهُ: صَبَغَهُ بِالزَّعْفَرَانِ. (الْبَحْتِ) أَيْ الْمَحْضِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ (لَوْنَ الْمُوَرَّدِ) وَمِنْ أَسْمَاءِ الزَّعْفَرَانِ الْوَرْدُ،، وَالْوَرْدُ مِنْ الْخَيْلِ مَا بَيْنَ الْكُمَيْتِ، وَالْأَشْقَرِ. فَاللَّوْنُ الْمُوَرَّدُ مَا كَانَ بَيْنَ الْحُمْرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute