للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَرَاهُ لِيَلْبَسَهُ.

ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ فِي حَدِيثٍ «أَنَّهُ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ وَكَانُوا يَلْبَسُونَهُ فِي زَمَانِهِ وَبِإِذْنِهِ» .

قُلْت: وَمَيْلُ الْإِمَامِ الْمُحَقِّقِ فِي الْهَدْيِ إلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَهَا وَكَذَا الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: لَمْ يَلْبَسَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَا يَلْزَمُ مِنْ شِرَائِهِ لَهَا لُبْسُهَا.

وَقَالَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) : التُّبَّانُ فِي مَعْنَى السَّرَاوِيلِ.

قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: رَوَى وَكِيعٌ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تَأْمُرُ غِلْمَانَهَا بِالتَّبَابِينِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ.

قَالَ فِي الْمَطَالِعِ: التُّبَّانُ شِبْهُ السَّرَاوِيلِ قَصِيرَةُ السَّاقِ. وَقَالَ الْحَجَّاوِيُّ فِي لُغَةِ إقْنَاعِهِ: التُّبَّانُ بِضَمِّ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ هُوَ سَرَاوِيلُ قَصِيرَةٌ جِدًّا. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مِقْدَارُ شِبْرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ فَقَطْ وَيَكُونُ لِلْمَلَّاحِينَ وَجَمْعُهُ تَبَابِينُ انْتَهَى.

فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ، وَفَهِمْت مَا هُنَالِكَ مِنْ كَوْنِ السَّرَاوِيلِ سُنَّةَ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَالنَّبِيِّ النَّبِيلِ عَلَى أَحَدِ الْأَقَاوِيلِ، وَالصَّحَابَةِ الْكِرَامِ، وَاخْتِيَارَ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ (فَالْبَسْهُ) أَيْ السَّرَاوِيلَ (وَاقْتَدِ) بِمَنْ ذَكَرْنَا لَك أَنَّهُمْ لَبِسُوهُ فَإِنَّهُمْ أَهْلٌ لَأَنْ يُقْتَدَى بِهِمْ لَا سِيَّمَا الِاقْتِدَاءُ.

(بِسُنَّةِ) سَيِّدِنَا (إبْرَاهِيمَ) الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (فِيهِ) أَيْ فِي لُبْسِهِ (وَ) سُنَّةَ نَبِيِّنَا وَحَبِيبِنَا (أَحْمَدَ) الْمُخْتَارِ (وَأَصْحَابِهِ) الْأَخْيَارِ، عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ (وَ) لَكِنْ لُبْسُهُمْ (الْأُزُرَ) جَمْعُ إزَارٍ (أَشْهَرُ) مِنْ لُبْسِهِمْ السَّرَاوِيلَ (أَكِّدْ) فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ التَّأْكِيدِ وَحُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَةِ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي الِادِّهَانِ وَكَوْنِهِ غِبًّا أَوْ مُطْلَقًا لِحَاجَةٍ لِلْخَبَرِ.

وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِعْلَ الْأَصْلَحِ لِلْبَدَنِ كَالْغُسْلِ بِمَاءٍ حَارٍّ بِبَلَدٍ رَطْبٍ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَرْجِيلُ الشَّعْرِ، وَلِأَنَّهُ فِعْلُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَأَنَّ مِثْلَهُ نَوْعُ اللُّبْسِ وَالْمَأْكَلِ، وَأَنَّهُمْ لَمَّا فَتَحُوا الْأَمْصَارَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَأْكُلُ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ، وَيَلْبَسُ مِنْ لِبَاسِ بَلَدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدُوا قُوتَ الْمَدِينَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>