للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي آدَابِهِ الْكُبْرَى: مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ اسْتِحْبَابُ الذُّؤَابَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ كَالتَّحَنُّكِ.

قَالَ الْحَجَّاوِيُّ: يَعْنِي يُجْمَعُ بَيْنَ التَّحَنُّكِ وَالذُّؤَابَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ: الْعِمَامَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَنْ تَكُونَ مُحَنَّكَةً تَحْتَ الذَّقَنِ، فَإِنْ كَانَتْ بِذُؤَابَةٍ بِلَا حَنْكٍ فَفِيهَا وَجْهَانِ.

وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ لَا ذُؤَابَةَ لَهَا وَلَا حَنَكَ فَفِيهَا قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا وَهُوَ مَذْهَبُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ.

قَالَ وَالْعَمَائِمُ الْمُكَلَّبَةُ بِالْكِلَابِ تُشْبِهُ الْمُحَنَّكَةَ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ فَإِنَّ الْكَلَالِيبَ يُمْسِكُهَا كَمَا يُمْسِكُ الْحَنَكَ لِلْعِمَامَةِ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَتَحَنَّكُونَ الْعَمَائِمَ، فَإِذَا رَكِبُوا الْخَيْلَ، وَطَرَدُوهَا لَمْ تَسْقُطْ عَمَائِمُهُمْ.

وَكَذَلِكَ كَانَ أَهْلُ الثُّغُورِ بِالشَّامِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ.

وَكَرِهَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ لُبْسَ الْعَمَائِمِ الْمُتَقَطِّعَةِ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَكُونُ لَهَا مَا يُمْسِكُهَا تَحْتَ الذَّقَنِ.

وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ لِقَوْمٍ لَا يُدِيرُونَ عَمَائِمَهُمْ تَحْتَ أَذْقَانِهِمْ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهَا الْفَاسِقِيَّةَ.

وَلَكِنْ رَخَّصَ فِيهَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَغَيْرُهُ.

وَرَوَى أَنَّ أَبْنَاءَ الْمُهَاجِرِينَ كَانُوا يَعْتَمُّونَ كَذَلِكَ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا حَالُ أَهْلِ الْجِهَادِ الْمُسْتَعِدِّينَ لَهُ، وَهَذَا حَالُ مَنْ لَبِسَ مِنْ أَهْلِهِ.

قَالَ: وَإِمْسَاكُهَا بِالسُّيُورِ وَنَحْوِهَا كَالْمُحَنَّكَةِ انْتَهَى.

وَمُقْتَضَى ذِكْرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِالْعَالِمِ، فَإِنْ فَعَلَهَا غَيْرُهُ فَيَتَوَجَّهُ دُخُولُهَا فِي لِبَاسِ الشُّهْرَةِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِعُرْفٍ حَادِثٍ، بَلْ بِعُرْفٍ قَدِيمٍ.

وَعَلَى هَذَا لَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ الْعِمَامَةِ الْمُحَنَّكَةِ وَكَرَاهَةِ الصَّمَّاءِ. انْتَهَى.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَدْرَكْت فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعِينَ مُحَنَّكًا وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَوْ ائْتُمِنَ عَلَى بَيْتِ مَالٍ لَكَانَ بِهِ أَمِينًا.

وَفِي لَفْظٍ لَوْ اُسْتُسْقِيَ بِهِمْ الْقَطْرُ لَسُقُوا.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ فِي كِتَابِهِ الْمَدْخَلِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>