أَئِمَّةِ اللُّغَةِ فِي مَعْنَى الِاقْتِعَاطِ يَعْنِي الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ، وَأَنَّهُ مِنْ لُبْسَةِ الشَّيْطَانِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ قَالَ: إنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ لِمُخَالَفَتِهِ فِعْلَ السَّلَفِ الصَّالِحِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ.
اقْتِعَاطُ الْعَمَائِمِ هُوَ التَّعْمِيمُ دُونَ حَنَكٍ، وَهُوَ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ، وَقَدْ شَاعَتْ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ.
وَنَظَرَ مُجَاهِدٌ يَوْمًا إلَى رَجُلٍ اعْتَمَّ وَلَمْ يَحْتَنِكْ فَقَالَ: اقْتِعَاطَ كَاقْتِعَاطَ الشَّيْطَانِ، تِلْكَ عِمَّةُ الشَّيْطَانِ وَعَمَائِمُ قَوْمِ لُوطٍ.
وَفِي الْمُخْتَصَرِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ الْعِمَامَةِ يَعْتَمُّهَا الرَّجُلُ، وَلَا يَجْعَلُهَا تَحْتَ حَلْقِهِ، فَأَنْكَرَهَا، وَقَالَ: إنَّهَا مِنْ عَمَلِ الْقِبْطِ.
قِيلَ لَهُ: فَإِنْ صَلَّى بِهَا كَذَلِكَ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ وَلَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: كَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اعْتَمَّ جَعَلَ مِنْهَا تَحْتَ ذَقَنِهِ وَأَسْدَلَ طَرَفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ.
مَطْلَبٌ: صِفَةُ الْعِمَامَةِ الْمَسْنُونَةِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيُّ: وَسُنَّةُ الْعِمَامَةِ بَعْدَ فِعْلِهَا أَنْ يُرْخِيَ طَرَفَهَا وَيَتَحَنَّكَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ طَرَفٍ وَلَا تَحْنِيكٍ فَذَلِكَ يُكْرَهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُدْخِلَهَا تَحْتَ حَنَكِهِ فَإِنَّهَا تَقِي الْعُنُقَ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَهُوَ أَثْبَتُ لَهَا عِنْدَ رُكُوبِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالْكَرِّ وَالْفَرِّ.
قُلْت: وَقَالَ هَذَا عُلَمَاؤُنَا.
وَقَالَ فِي الْهَدْيِ: «كَانَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَلَّى بِالْعِمَامَةِ تَحْتَ الْحَنَكِ» انْتَهَى.
وَقَدْ أَطْنَبَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ لِاسْتِحْبَابِ التَّحَنُّكِ ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا كَانَتْ الْعِمَامَةُ مِنْ بَابِ الْمُبَاحِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ فِعْلِ سُنَنٍ تَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ تَنَاوُلِهَا بِالْيَمِينِ، وَالتَّسْمِيَةِ وَالذِّكْرِ الْوَارِدِ إنْ كَانَ مِمَّا يَلْبَسُ جَدِيدًا، وَامْتِثَالِ السُّنَّةِ فِي صِفَةِ التَّعْمِيمِ مِنْ فِعْلِ التَّحْنِيكِ وَالْعَذْبَةِ وَتَصْغِيرِ الْعِمَامَةِ بِقَدْرِ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوِهِمَا يُخْرِجُونَ مِنْهَا التَّحْنِيكَ وَالْعَذْبَةَ فَإِنْ زَادَ فِي الْعِمَامَةِ قَلِيلًا لِأَجْلِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَيُتَسَامَحُ فِيهِ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَفِي فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ النَّهْيُ عَنْ الِاقْتِعَاطِ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ.