قَالَ: «مَنْ تَرَكَ اللِّبَاسَ تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ حُلَلِ الْإِيمَانِ شَاءَ يَلْبِسُهَا» .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَبِيهِ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَرَكَ لُبْسَ ثَوْبِ جَمَالٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ» - قَالَ بِشْرٌ أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ - أَحْسِبُهُ قَالَ: «تَوَاضُعًا، كَسَاهُ اللَّهُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَبَّانِ بْنِ فَائِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ بِزِيَادَةٍ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيِّ، وَاسْمُهُ إيَاسٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «ذَكَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا عِنْدَهُ الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَلَا تَسْمَعُونَ، أَلَا تَسْمَعُونَ، إنَّ الْبَذَاذَةَ مِنْ الْإِيمَانِ، إنَّ الْبَذَاذَةَ مِنْ الْإِيمَانِ، إنَّ الْبَذَاذَةَ مِنْ الْإِيمَانِ» يَعْنِي التَّقَحُّلَ. قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: الْبَذَاذَةُ - بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ - هُوَ التَّوَاضُعُ فِي اللِّبَاسِ بِرَثَاثَةِ الْهَيْئَةِ وَتَرْكِ الزِّينَةِ وَالرِّضَا بِالدُّونِ مِنْ الثِّيَابِ. وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَلَفْظُهُ «إنَّ الْبَذَاذَةَ مِنْ الْإِيمَانِ» يَعْنِي التَّقَحُّلَ، وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: يَعْنِي التَّقَشُّفَ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الْبَذَاذَةُ التَّوَاضُعُ فِي اللِّبَاسِ.
وَفِي الصِّحَاحِ بَذُّ الْهَيْئَةِ، أَيْ رَثُّهَا، بَيْنَ الْبَذَاذَةِ وَالْبُذُوذَةِ، وَفِي جَمْهَرَةِ ابْنِ دُرَيْدٍ: بَذَّتْ هَيْئَتُهُ بَذَاذَةً وَبُذُوذَةً إذَا رَثَّتْ، وَفِي الْحَدِيثِ «الْبَذَاذَةُ مِنْ الْإِيمَانِ» تَرْكُ الزِّينَةِ وَالتَّصَنُّعِ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْمُبْتَذِلَ الَّذِي لَا يُبَالِي مَا لَبِسَ» .
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: «دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَأَخْرَجَتْ إلَيْنَا كِسَاءً مُلَبَّدًا مِنْ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْمُلَبَّدَةُ وَإِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ، وَأَقْسَمَتْ بِاَللَّهِ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ» .
قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: الْمُلَبَّدُ الْمُرَقَّعُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute