للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي فقد جاء الاختلاف في الحاج يحصر على ما وصفنا، وقد قال اللَّه عز وجل: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}، فلولا أنا قد علمنا أن هذه الفدية لكل مُحرِم أصابه أذى من رأسه، لكان الظاهر يدل على أن هذا إنما نزل في المحصَر خاصة، وكذلك: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}، استعملها الناس في كل محرم ساق الهدي، وأنه لا ينبغي أن يحلق حتى ينحَر هديه.

وهذا النحو يأتي في القرآن كثيرًا (١)، يذكر القصة، ثم يذكر بعدها أمورًا أخرى، ثم يعاد إلى القصة الأولى.

قال اللَّه عز وجل: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: ١ - ٣] ثم ذكر بعد هذا القسم قصة أصحاب الأخدود، ثم قال: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج: ١٢].

وقال: {وَالْفَجْرِ} إلى قوله: {لِذِي حِجْرٍ} [الفجر: ١ - ٥] ثم ذكر بعد ذلك ما ذَكر ثَمَّ، ثم قال: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: ١٤] هذا هو القسم.

وقال: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: ٨٣] فعلم أنه عمّا (٢) بقوله: {إِلَّا قَلِيلًا} عطفًا على: {الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} {إِلَّا قَلِيلًا}، ولولا فضل اللَّه عليهم ورحمته لاتبعوا الشيطان كلهم.


(١) في الأصل: كثير.
(٢) كذا في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>