للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قيل: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، ثم ذكر بعد ذلك ما ذكر ثَمَّ، قيل: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، أعيد ذكر ذلك الهدي للتراخي، وللكلام الذي وقع بين ذلك.

وقال ابن عباس: المتعة للمحصَر، ولمن خُلّيت سبيله.

وكان ابن الزبير يقول: هي للمحصَر، وليست لمن خُلّيت سبيله (١).

قال إسماعيل: ولولا أن الأحاديث التي وصفناها إنما فيها هدي واحد إذا مضى من وجهه فاعتمر، وإذا فاته الحج، لكان الظاهر في القرآن يدل على هديَيْن، هدي للفوات، وهدي للتحلل، ولكن لما جاءت الأحاديث، وكان جائزًا في الكلام وما يدل عليه النّظر، كان القول به أولى.

وقد كان مالك -رضي اللَّه عنه- يقول: إذا أقام المُحصَر على إحرامه إلى السنة الأخرى ولم يتحلل، لم يجب عليه هدي (٢)، وإنما التحلل بالعمرة أوجب عليه الهدي، لأن اللَّه عز وجل قال: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، فمن يجيز كان الظاهر أنه إن شاء تمتع وإن شاء لم يفعل، إذ التحلل رحمةٌ من اللَّه لعباده ورفق (٣) بهم، فمن صبر على الشدة ولم يختر الرخصة فلا هدي عليه.

وقال ابن مسعود، وعلقمة: إنه إن شاء أقام على إحرامه، فهو مخير، والاستحباب له التحليل، وأن يدخل في رحمة اللَّه ولا يشدد على نفسه.


(١) روى قول ابن عباس وابن الزبير ابن جرير في تفسيره (٢/ ٢٥٣).
(٢) النوادر والزيادات (٢/ ٤٢٨).
(٣) في الأصل: ورفقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>