للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فقد توطأ الكافرة بملك اليمين، فذلك لأن الولد حر، فهذا مما يأتي منهم، ولو أجزنا نكاح الأمة الكافرة لكان الولد عنده إلى أن يظهر فيباع عليه، وهذا نظر (١) من اللَّه تبارك وتعالى لعباده، فخرج هذا لذلك، وبقي الشرطان على حالهما.

قال ابن زيد، ومجاهد: خوف العنت: الزنا (٢).

وقال طاوس مثل ذلك.

وقال مسروق: إن الرجل إذا تزوج أمة ثم تزوج حرة، حرمت عليه الأمة، أجراها مجرى الميتة، بل قال: هي كالميتة يضطر إليها، فإذا أغناك اللَّه عنها فاستغنه (٣).

وكيف يسوغ لذي فهم إباحة ما حظر اللَّه؟ يقول اللَّه عز وجل: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}، فكان قوله: {طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} دليلًا على الاستئناف، وأنه مطلَق لكل من أراد أن يتزوج وكانت له امرأة، أو لم تكن له امرأة، ولو كان ذلك لمن لا زوجة له، لكان من له زوجة غير مأمور ولا منهي بالآية، ولو كان منهيًا بأنه قد كان استطاع الطَّول وتزوج، لكان منهيًا إذا بانت زوجته منه، لأنه قد استطاع الطَّول وتزوج، واستطاعة طَول (٤) التزويج إنما يكون لوقوع


(١) في الأصل: نظرًا.
(٢) رواه عن مجاهد ابن جرير في تفسيره (٤/ ٢٧)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩٢٤)، وروي أيضًا عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعطية العوفي، والضحاك، والحسن، والسدي، وقتادة، ومقاتل بن حيان، تنظر نفس المصادر.
(٣) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه برقم ١٦٣٣٥، كتاب: النكاح، إذا نكح الحرة على الأمة فرق بينه وبين الأمة.
(٤) في الأصل: الطول.

<<  <  ج: ص:  >  >>