النكاح، فأما إذا وقع فمحال أن يقال بعد وقوعه: هو مستطيع الطَّول لأن يتزوج، إذ كان التزويج قد مضى.
فإن قيل: لم لا يكون معنى من يريد أن يتزوج أمة وهو يجد الطَّول إلى حرة، بمعنى من عنده حرة وهو يريد أن يتزوج أمة؟
قيل له: ظاهر القرآن الذي وجب علينا اتباعه على ما وصفنا، ومن بعد فإن بين هذين المعنيين فرق، لأن الحُرَّ إنما أُرخِص له أن يتزوج الأمة إذا لم يجد الطَّول لحرة وخاف العنت، ولو لم يجد الطَّول لحرة ولم يخف العنت لما حلت له الأمة، وكذلك إذا كان عنده حرة وأمة، وهو لا يجد الطول لأن يتزوج حرة ويخاف العنت، حلت له الأمة، واستوت حاله في مخافة العنت إذا كانت عنده حرة أو لم تكن.
وليس حاله في حرة قد تزوجها كحاله في حرة يريد أن يتزوجها، لأن الذي عنده حرة قد تزوجها قد تَبَيَّن له بعد الامتحان أنه يخاف العنت، والذي يريد أن يتزوج وهو يجد الطول لا يدري لعله إذا تزوج حرة ألا يخاف العنت وألا يحتاج إلى غيرها، فما لم يقع الأمر فهو شاك لا يدري أيخاف أم لا، فإذا وقع فهو متيقن أنه قد خاف، وهذا الموضع الذي أبيح له، واللَّه أعلم.
فإن قيل: فلم لم ينفسخ نكاحُه إذا تزوج أَمَة ثم وجد الطول لحرة؟ إذ كان إنما جاز له حين لم يجد الطول، فإذا وجد الطول انبغى أن يُفسخ نكاحه، كما ينفسخ نكاحه إذا ارتد.
قيل: لو انفسخ نكاحه بأنه وجد الطول، لا ينفسخ نكاحه إذا لم يخش العنت، فليس ينفسخ من هذا النكاح، إذ قد مضى على صحة.
ولا يشبه هذا المرتد ولا التحريم الذي يقع بالرضاع، لأن المسلم تحرم عليه الكافرة من غير أهل الكتاب بقوله عز من قائل:{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة: ١٠]، وليس يجوز أن يتزوج أمة، وأختَه من الرضاع، ولا أن يبتدئ نكاح كافرة، ويجوز له أن يستأنف نكاح الأمة في وقت ولا يجوز له في وقت،