الإصلاح بينهما فهذا شيء أمر اللَّه به الخلق جميعًا، والحكمان ها هنا مخصوصان به لا يُحتاج إلى التوكيل فيه، وإن كان التوكيل بالطلاق فأي شيء بِيَد المرأة من الطلاق حتى توكل فيه؟
فإن قال الشافعي: وكيل الرجل في الطلاق.
فوكيل المرأة بماذا؟ وإذا كانا وكيلين فليس إليهما حكم ولا هما مجتمعان، لأن كل واحد مباين للآخر ليس إليه ما إلى صاحبه، ولا إلى صاحبه ما إليه، واسم الوكيل غير اسم الحاكم، قال اللَّه سبحانه في الصيد:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}[المائدة: ٩٥]، فهما حكمان على الاجتماع، كل واحد منهما إليه ما إلى الآخر، وقد قال اللَّه تبارك وتعالى:{إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}[النساء: ٣٥]، فأعلمنا أن الحكمين أمرهما واحد إن قصدا للحق ووفقهما اللَّه للصواب في الحكم.
ثم تأول الشافعي فأخطأ فيه، ونقله عن وجهه، فقال: لما قال علي: ابعثوا حكمًا من أهله، كان هذا مخاطبة للزوجين، ولو كان للزوجين لقيل: فأمرهما، ولو كانت المخاطبة بين علي وبين الزوجين لم يقل: فابعثوا حكمًا من أهله، ولقال: ابعث حكمًا من أهلك، فعُلم أن المخاطبة بيد الزوج وكذلك المرأة، وإنما قال لجلسائه وأصحابه وذوي الرأي عندهم لعلمهم بالأهلين والمختار منهم، كما يقول الحاكم لخاصته: اختاروا من يقوم بمال اليتيم، وإنما قال علي للزوج لما قال: أما الفرقة فلا، فقال علي: كذبت حتى تقر بمثل الذي أقرت به، وإنما أقرت بالرضا بكتاب اللَّه عليها ولها، فأنكر علي إباءَه لكتاب اللَّه فقال: كذبت، وليس يقال لمن قال: لا أوكل في الطلاق: كذبت (١)، وهذه