للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: ٧٧] (١).

فأبطل الشافعي بقوله الآيات المحكمات، والروايات الواضحات بقول اخترعه برأيه، ثم سماه: إثمًا، ومسيئًا، تيسيرًا لما عظم اللَّه وتصغيرًا، وهذا كلام ينبغي لقائله أن يستغفر اللَّه منه، وإنما الأيمان هي العقود التي أمر اللَّه عز وجل {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، فالحالف لا يكلم زيدًا عاقدٌ (٢)، والحالف على الكذب ليس بعاقد، ولو أن رجلاً طلق امرأته لقيل (٣) طلّق، ولم يُقل: عقد طلاقها، إلا أن يكون طلاقا إلى أجل، أو على صفة، وكذلك العتق، ولو وعد رجلًا وعدًا لكان قد عقد، ولو حلف عليه لكان قد عقد عليه يمينًا.

وقد أخبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحكم في يمين تكفر، لأنه علمهم ذلك تعليمًا، ولم يكن في مسألة بعينها، وما جاء على التعليم كان عامًا، فوجب أن يكون ذلك بشرط ما عُلم من إتيان الذي هو خير والكفارة، وقد ذكر الشافعي جملة هذا الحديث، فلو تمسك به لكان فيه كفاية.

ثم زعم في هذا الحديث أنه أمره إن تعمد الحنث أن (٤) يُكفر، والحنث هو الفعل الذي حلف ألا يحلفه (٥)، فإذا جعله (٦) فإنما يفعله بعد اليمين، وإذا


(١) متفق عليه من حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-، رواه البخاري ٦٦٧٦، كتاب الأيمان والنذور، باب قول اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ. . .}، ومسلم (١/ ٨٥ - ٨٦)، كتاب الإيمان، باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين.
(٢) في الأصل: عاقدًا.
(٣) في الأصل: لطلق.
(٤) في الأصل: وأن.
(٥) كذا في الأصل، ولعل الصواب: يأتيه.
(٦) كذا في الأصل، ولعله: فعله.

<<  <  ج: ص:  >  >>