للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعم الشافعي أن ذلك من خمس الخمس، وهو مما لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (١)، وهو خطأ من جهات منها: أنه لم يعرف الحساب، لأن السهمين إذا كانت اثنا عشر بعيرًا، عُلم أن الخُمُسَ ثلاثةُ أباعِر، وكيف يكون خُمسَ ثلاثة واحدٌ، ومن العجب أنه جعل لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منه ما (٢) يقاسِم به الأيتامَ والمساكين، ولم يرفع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن مشاركة المساكين والأيتام، وجعله لهم نظيرًا، والوجه الثالث: الرد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قوله، لأنه قال: "لي الخُمُسُ كلُّهُ، وهو مردود عليكم"، وإنما يأخذ من الدنيا ما يكفيه وعيالَه بالمعروف، بل دون الكفاية ترفعًا وتنزهًا عن الدنيا، إذ كانت حقيرة عند اللَّه حين قال جل من قائل: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزخرف: ٣٣] إلى آخر الآية، وإنما أعطاه مفاتيحَ خزائنِ الأرض لعلمه بأنْ سيردها، فيدخر له ذلك في آخرته.

وأما قول الشافعي في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قتل قتيلًا فله سلَبه" (٣)، وأن ذلك على العموم، فواضح الخطأ، لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد غزا غزوات كثيرة وقع فيها مغانم، ولم يقل ذلك إلا مرة واحدة، فقد يجوز أن يكون ذلك في ذلك اليوم وحده، وليس على الوجوب على مر الدهور.

ألا تراه قال لخالد: "أعطه"، ثم قال: "لا تعطه"، لأن أبا قتادة (٤) كان خاطبه في أمر المددي القاتل وهدده، فلما قال أبو قتادة لخالد: ألم أَفِ لك يا خالد؟ قال: "لا تعطه"، ولو كان واجبًا ما عاقب بقول أبي قتادة فمنع، وإنما


(١) الأم (٤/ ١٥٥).
(٢) في الأصل: منهما.
(٣) تقدم قريبًا.
(٤) الحادث وقع لعوف بن مالك الأشجعي الأنصاري كما ذكرت المصادر المتعددة، كما لم يذكر المترجمون أن كنيته أبا قتادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>