للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روى الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أن أعرابيًا دخل المسجد ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالس، فصلى ركعتين، ثم قال: اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقد تَحَجَّرْتَ واسعًا"، فلم يلبث أن بال في المسجد، فَعَجِلَ الناسُ إليه فنهاهم عنه، وقال: "أهريقوا عليه سجلًا من ماء أو ذَنوبًا من ماء" (١).

ورواه أنس بن مالك، وابن عباس، وزاد ابن عباس فيه: فقيل للأعرابي: ما حملك على أن بُلْتَ في مسجدنا قال: والذي بعثك بالحق ما ظننت إلا أنه صعيد من الصُّعُدات فبلتُ، فأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذَنوب من ماء فصب على بوله".

فتبين بهذه الأحاديث وأسانيدها كالشمس الطالعة، أن مقدار الدَّلو من الماء قد طهَّر بول الرجل لأنه هو الغالب، وكذلك لو وقع بولٌ في إناء لطهَّرَه ما غَلَب عليه من الماء، وكذلك ما يصيب الثوبَ من النجاسات، ولو كان ما دون القُلَّتين إذا وقعت فيه نجاسة يسيرة نجسته، لما طَهَّر بول الأعرابي إلا مقدار قلتين، لأن النجاسة إذا وقعت في الماء فقد خالطته، وكذلك إذا وقعت النجاسة في إناء، أو في موضع من أرض، أو ثوب، ثم صُبَّ على ذلك ماءٌ فقد خالطه، فإن كان ما دون القُلَّتين ينجس بالقليل من النجاسة للمخالطة، فكذلك لا يطهر ذلك الموضع إلا بالقلتين من الماء.

وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لامرأة سألته: أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟ فقال: "إذا أصاب ثوبَ إحداكن الدم من الحيضة فلتَقْرِصْه (٢) ثم لتنضحه بالماء ثم تصلي" (٣).


(١) رواه أبو داود في سننه برقم ٣٨٠، كتاب: الطهارة، باب: الأرض يصيبها البول، وهو عند البخاري في صحيحه بدون شطره الأول عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة، برقم ٢٢٠، كتاب: الوضوء، باب: صب الماء على البول في المسجد.
(٢) فلتقرصه: فلتقطعه بظُفْرها، مشارق الأنوار (٢/ ١٨٠).
(٣) رواه البخاري في صحيحه برقم ٣٠٧، كتاب: الحيض، باب: غسل لم المحيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>