للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على هذا اللفظ، فاختلف الرجلان في متن الحديث ومعناه، وهذان شيخان لا يحتملان التفرد بهذا الأمر الجليل، ولا يكونان حجة فيه، فقد وَهَى الحديث في القُلَّتين.

ولم نر أحدًا يقف على مقدار القُلَّتين.

فأما ما رواه الشافعي فإنه ذكره عن مسلم بن خالد، عن ابن جُريج، بإسناد لم يحضره ذكره، ولا حضره أحد من المسلمين بعدَه، ذكره أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسًا"، فقال فيه بِقِلال هَجَر (١)، فبعيد في القلب أن يكون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُبيِّن للناس بالمدينة على مقدار بِهَجَر لم يَرَوْه، ويحملهم على ما يجوز الاختلاف في مقداره، وهو يَقْدِر على أن يُقَدِّر لهم كما قَدَّر الصّاع والوَسْق وغير ذلك، فعرفه الناس وعملوا عليه، فلو سَنَّ في الماء مقدارًا لقال: وَسْق ووَسْقين وما أشبه ذلك، فكانت المخاطبة لهم بشيء يعرفونه.

والوَسْق: ستون صاعًا، والمدّ والصاع والوَسْق مقادير يعرفها المخاطبون منذ زمان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى هذه الغاية، لا يختلف عليهم.

فأما ما يرويه أهل الكوفة في الصاع الحَجّاجي فشيء لا يثبت ولا يُعرَف، والصاع والمد مكيال المدينة لا يعرفون سواه، ولا يحتاجون فيه إلى إسناد.


= الماء، عن حماد، (ط الأرناؤوط)، ورواه من طريق هدبة بن خالد وإبراهيم بن الحجاج كلاهما عن حماد به، البيهقيُّ في السنن الكبرى برقم ١٢٤٤، جماع أبواب الماء الذي ينجس والذي لا ينجس، باب: الفرق بين القليل الذي ينجس والكثير الذي لا ينجس.
(١) رواه البيهقي في السنن الكبرى برقم ١٢٥٠، جماع أبواب الماء الذي ينجس والذي لا ينجس، باب قَدْر القلتين، وذكره الشافعي في الأم (١/ ١٨) (ط المعرفة).

<<  <  ج: ص:  >  >>