للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام من قِبله- حري بأن يضاعف الله له الأجور، ويعطيه أجور تلك الأعمال التي لم يتمكن منها بسبب ما هو أوجب، وأهم من مصالح الأمة.

فإذا احتسب الإمام وقال: أنا أعرف أن العمرة فضلها عظيم- وبخاصة في رمضان- لكنني أُشفق على جماعة مسجدي أن يتفرقوا، ويؤثر فيهم غيابي عنهم، فإن الله قد يعطيه ثوابَ أكثر من عمرة؛ فإن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، ومن لم يتمكن من القيام ببعض السنن لعذر، إما لانشغاله بما هو واجب، أو بما هو أهم، أو لعدم القدرة البدنية أو المالية على ذلك، فإن له أجر ذلك العمل بفضل الله تعالى.

فيا من تريد عظيم الأجر والثواب من الله، وتريد أن يعطيك الله أجر العمرة وغيرها من أعمال البر مما لا يمكنك القيام به؛ لانشغالك بإمامة المسلمين في أعظم فريضة فرضها الله عليهم، وهي الصلاة، أحسِن النية والقصد، واجتهد في مسؤوليتك، يعطك الله أجر ما لم تتمكن منه بسبب هذه المسؤولية.

واعلم أخي أنه كما يقال: «الأحدب يعرف كيف ينام»، فمن الممكن أن تنتهز فرصةً قصيرةً أيامًا قليلةً تنيب فيها شخصًا تكون فيه الكفاية، يؤم الناس، تؤدي فيها مناسك العمرة، فأجرك على هذا في عمرتك وبقائك في مسجدك يفوق أضعاف أضعاف أجور من حكَّموا أهواءهم، وأكثروا من التخلف عن الإمامة بهذه التعليلات والحجج الواهية.

وعلى الإمام الناصح لنفسه ولجماعته، الحريص على أداء دوره في الأمة أن يجعل في حساباته أن أوجب الواجبات عليه ما تحمله من أمر المسلمين، وأن يجتهد للقيام بذلك على الوجه المطلوب؛ إبراءً للذمة، ونصحًا للأمة، وطلبًا للمثوبة والأجر من الله، وليبشر بالخير- إن شاء الله- وليحذر أن يحكِّم هواه ورغباته، ويفتي نفسه بأنه ما دام تخلفه عن الإمامة لعمل خيري فلا بأس بذلك.

وهل ضاعت كثير من مصالح الأمة إلا بسبب مثل هذه التبريرات والتعليلات الواهية، وذلك على مستوى جميع العاملين وأرباب المسؤوليات في الأمة. والله المستعان.

<<  <   >  >>