للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سلبًا وإيجابًا، فإنِ التزم وداوم وحرص على إقامة الصلاة في وقتها، وكما شرع الله -عز وجل- أحبه الجماعة وانضبطوا في حضورهم، وأصبح المسجد حيًّا بسبب حياة الإمام القلبية، وهو مأجور مُثاب على هذا المنهج، وله- إن شاء الله- مثل أجور من تبِعه ومن يؤمهم من المصلين، فبشراه بالخير، وهو من أئمة المتقين بإذن الله -عز وجل-.

وأما إن كان الإمام يَكثُر تخلفه، فيتخلف الأيام، وربما الأسابيع، وربما لا يمر يوم إلا ويتخلف فيه عن صلاة وقت أو وقتين أو أكثر، فإن ذلك سيعود سلبًا على جماعته، في حضورهم إلى الصلاة، فتجدهم غير منضبطين، بل مضطربين ومختلفين بسبب ذلك؛ منهم من تفوته الصلاة كلية، ومنهم من لا يدرك منها إلا بعضها، ومنهم من يبحث عن مسجد آخر، وذلك بسبب عدم انضباط الإمام، وهو بهذا سيبوء بإثمه وإثمهم؛ لأنه هو السبب في ذلك، وتجد مسجده ميتًا بسبب ذلك.

وقد يتعلل بعض الأئمة بأنه ذاهب للعمرة، أو لصلاة جنازة، أو لاجتماع يقصد منه خيرًا ونحو ذلك.

وليت هؤلاء وأمثالهم تأملوا قول ابن القيم -رحمه الله-: «إن الشيطان يأمر بسبعين بابًا من أبواب الخير، إما ليتوصل بها إلى باب واحد من الشر، وإما ليفوت بها خيرًا أعظم من تلك السبعين بابًا وأجلَّ وأفضل» (١).

فتأمل هذا يا أخي الكريم، وقل لي بربك: أيهما أحرى بعظيم الأجر، إمام ترك جماعته لأجل الأعمال المذكورة سواء أناب غيره أم لا، أو إمام احتسب وقال: صلاتي بالجماعة أهم وأولى وربط نفسه لأجل ذلك؟

لا شك أن الأخير أولى وأحرى بالأجر العظيم؛ لأجل مرابطته في عمله الواجب، والذي يتقاضى عليه رزقًا من بيت المال، وقد تحمل مسؤوليته، فأدى أمانته، ووفَّي لجماعته بحقهم عليه، وأحسن فيهم وأعانهم على أنفسهم، وكان عضوًا نافعًا في الأمة، وهو حري- بإذن الله -عز وجل-، بسبب مرابطته في إمامته، واهتمامه بمسؤوليته وخوفه أن يؤتى


(١) انظر: «التفسير القيم» (ص ٦١٣).

<<  <   >  >>