للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ أنه دليل على قوة الإيمان بالله -عز وجل-، والتوكل عليه، وتمام الثقة به سبحانه، واستمداد العزة والقوة منه -عز وجل- وحده، والتعلق به وحده، ورجائه وخوفه وحده، وقطع الطمع فيما سواه، من جميع الخلق، كما قال تعالى عن زكريا وابنه يحيى وزوجه -عليهم السلام-: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: ٩٠].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (١): «كلما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته لقضاء حاجته ودفع ضرورته قوِيت عبوديته لله، وحريته مما سواه».

٥ أن في الدعاء لذة المناجاة، وانشراح الصدر، وزوال الهموم والغموم، وتيسير الأمور، كما قال ابن تيمية -رحمه الله-: «وليكثر من الدعاء؛ فإنه مِفتاح كل خير» (٢).

فبملازمة الدعاء ينتقل العبد من الحزن واليأس والقنوط والجزع والضيق، إلى السعادة والتفاؤل والسعة والرضا والطمأنينة، وحسن الظن بالله -عز وجل-.

قال ابن وهيب الحِميري:

وإني لأدعو الله حتى كأنني … أرى بجميلِ الظنِّ ما اللهُ صانِعُ (٣)

وقال الآخر:

وإني لأدعو الله والأمرُ ضيِّقٌ … عليَّ فما يَنفَكُّ أنْ يَتفرَّجا

ورُبَّ فتًى ضاقتْ عليه وجوهُه … أصاب له في دعوةِ اللهِ مَخرَجا (٤)

٦ أن الدعاء ملاذ المضطرين؛ قال الله -عز وجل-: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: ٦٢].

فبالدعاء أنجى الله نوحًا -عليه السلام- ومن معه في الفُلك، وأغرق المكذبين من قومه.

وبالدعاء وهب الله -عز وجل- لإبراهيم -عليه السلام- على الكِبَرِ إسماعيل وإسحاق، وكانت امرأته


(١) انظر: «العبودية» (ص ٩٤ - ٩٥).
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٦٦١).
(٣) انظر: «عيون الأخبار» لابن قتيبة (٢/ ٣١٠)، و «بهجة المجالس، وأنس المجالس» لابن عبد البر (٢/ ٣٨٠).
(٤) انظر: «عيون الأخبار» لابن قتيبة (٢/ ٣١١)، و «الفرج بعد الشدة» للتنوخي (٥/ ٦٩).

<<  <   >  >>