للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تتعب، بخلاف ما إذا رفع صوته، وأنه أبعد له من القواطع والمشوِّشات، فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد، فسلِم من الممانع والمعارض والحاسد، وقد قال يعقوب ليوسف -عليهما السلام-: {لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف: ٥]» (١).

١٧ أن يقدم بين يدي دعائه عملًا صالحًا يتقرب به إلى الله -عز وجل-، ويتوسل به:

من صدقة وصلاة وقراءة القرآن، فهذا أحرى للإجابة؛ كما جاء في حديث الثلاثة الذين أَوَوْا إلى غار، فانطبقت عليهم الصخرة، فتوسل كل منهم بأفضل أعماله، فاستجاب الله تعالى لهم، فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون (٢).

١٨ أن يتوسل إلى الله تعالى بأمرٍ يرتَّب على إجابة دعائه:

كما في قوله -صلى الله عليه وسلم- لما كان يدعو قبيل معركة بدر: «اللهم أنجز لي ما وعدتَني، اللهم آتِ ما وعدتني، اللهم إن تهلِك هذه العصابةُ من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض» (٣).

ومن ذلك قول موسى -عليه السلام-: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا} [طه: ٢٧ - ٣٥].

وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا جاء الرجل يعود مريضًا فليقلِ: اللهم اشفِ عبدَكَ ثلاثًا، يَنكَأُ لك عدوًّا، أو يمشي لك إلى الصلاة» (٤).

١٩ البكاء:

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تلا قوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٥/ ١٥ - ١٩)، و «بدائع الفوائد» لابن القيم (٣/ ٦ - ١٠).
(٢) أخرجه البخاري في البيوع (٢٢١٥)، وفي الإجارة (٢٢٧٢)، ومسلم في الذكر والدعاء (٢٧٤٣)، وأبو داود في البيوع (٣٣٨٧)، وأحمد ٢/ ١١٦ (٥٩٧٣) من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
(٣) أخرجه أحمد ١/ ١١٧ (٩٤٨)، والبزار ٢/ ٢٩٦ (٧١٩)، والطبري في «جامع البيان» (١١/ ٦٢ - ٦٣). وقال الهيثمي في «المجمع» (٦/ ٧٦): «رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة».
(٤) أخرجه أبو داود في الجنائز (٣١٠٧)، وأحمد ٢/ ١٧٢ (٦٦٠٠)، والحاكم (١/ ٣٤٤). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه». وصححه الألباني في «الصحيحة» (١٣٠٤، ١٣٦٥).

<<  <   >  >>