للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معترفًا بقلبه أنه ملك لله -عز وجل-، يدبره كيف يشاء، ومرده إليه، واختياره سبحانه له أحسن من اختياره لنفسه، فيحتسب عند الله مصيبته؛ ليطمئن قلبه، وينشرح صدره، فإن الكثيرين منَّا يقولون هذه المقالة من غير تدبر لمعناها، والذي لو تدبرناه حقًّا، ووطَّنَّا أنفسنا عليه، لهوَّن علينا المصاب بإذن الله تعالى.

كما أن على المؤمن أن يتذكر ما وعد الله به الصابرين في هذه الآيات من معيَّته لهم، وبشارتهم، والثناء عليهم، ورحمتهم، وتأكيد هدايتهم، وما وعدهم به في غيرها؛ كما قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: ١٠]، وقال تعالى: {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٦]، وقال تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: ١١١]، وقال تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (٧٥) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان: ٧٥، ٧٦].

ولما قالت فاطمة -رضي الله عنها-: «واكرب أبتاه!» قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا كرب على أبيك بعد اليوم» (١).

وقوله -عز وجل- في الحديث القدسي: «ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة» (٢).

وقوله -صلى الله عليه وسلم- لما مات ابنه إبراهيم -عليه السلام-: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون» (٣).

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «عجبًا لأمر المؤمن لا يقضي الله قضاءً إلا كان خيرًا له، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له» (٤).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا


(١) أخرجه البخاري في المغازي (٤٤٦٢)، وابن ماجه في الجنائز (١٦٢٩) من حديث أنس -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري في الرقاق (٦٤٢٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه البخاري في الجنائز (١٣٠٣)، ومسلم في الفضائل (٢٣١٥)، وأبو داود في الجنائز (٣١٢٦) من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
(٤) أخرجه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٩٩)، وأحمد ٤/ ٣٣٢، ٣٣٣ (١٨٩٣٤، ١٨٩٣٩) من حديث صهيب -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>