للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه» (١).

قال الشاعر:

فإذا بُلِيت بمحنة فاصبر لها … صبر الكريم فإن ذلك أحزمُ

وإذا بليت بكربة فالبَسْ لها … ثوب السكوت فإن ذلك أسلمُ

لا تشكونَّ إلى العباد فإنما … تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحمُ (٢)

ثانيًا: ينبغي للمصاب أن يتأمل في حقيقة الدنيا وطبيعتها، وأنها دار فناء، لا دار بقاء، دار غرور ومتاع قليل، وأن الدار الآخرة هي الدار الحقة؛ كما قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٦، ٢٧]، وقال تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: ١٨٥، الحديد: ٢٠]، وقال تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ} [الرعد: ٢٦].

وقال تعالى: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص: ٦٠، الشورى: ٣٦]، وقال تعالى: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: ٣٨]، وقال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: ١٦، ١٧]، وقال تعالى: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} [الضحى: ٤]، وقال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: ٦٤].

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: نام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حصير، فقام وقد أثر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وطاء؟ فقال: «ما لي وما للدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها» (٣).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة


(١) أخرجه البخاري في المرضى (٥٦٤٢)، ومسلم في البر والصلة (٢٥٧٣)، والترمذي في التفسير (٣٠٣٨)، وأحمد ٢/ ٣٠٣ (٨٠٢٧) من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري -رضي الله عنهما-.
(٢) الأبيات لزين العابدين بن الحسين -رضي الله عنهما-، وتنسب للشافعي رحمه الله. انظر: «عيون الأخبار» (٢/ ٢٨٤)، «الدر الفريد وبيت القصيد» (١/ ١٥٤).
(٣) أخرجه الترمذي في الزهد (٢٣٧٧)، وابن ماجه في الزهد- مثل الدنيا (٤١٠٩) - وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

<<  <   >  >>