للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا قال عمر -رضي الله عنه- لقبيصة بن جابر: «إن في الإنسان- أو في الشاب- عشرة أخلاق، تسعة حسنة، أو صالحة، وواحد سيئ، ويفسدها ذلك السيئ، فإياك وعثرة الشباب، أو عثرات الشباب، أو فاتقِ طيرات الشباب، أو غرات الشباب» (١).

وكأنه -رضي الله عنه- يشير إلى ما يوجد عند الكثيرين من العجلة والتسرع، وعدم تقدير العواقب، بسبب عدم اكتمال العقل والحكمة، كما يحصل من تصرفات بعض الأولاد مع والديهم، وبعض الطلاب مع معلميهم، وبعض الصغار مع الكبار.

لهذا ذكر -صلى الله عليه وسلم- من ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله: «شابًّا نشأ في طاعة الله» (٢).

وعن نافع أن ابن عمر -رضي الله عنهما- أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير، فقالا: إن الناس صنعوا، وأنت ابن عمر، وصاحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي، فقالا: ألم يقل الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة، وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله (٣).

وقد حصل الأذى لكثير من علماء الإسلام على مر العصور، وثُرِّب عليهم في مواقفهم الثابتة أمام الفتن، وعدم انجرارهم إليها، أو تحذيرهم الشديد من الوقوع في فخاخها ومستنقعاتها، وثباتهم أمامها.

تاسعًا: لا يجوز إيقاع وتطبيق أحاديث الفتن على واقع معين، سواء ما نعيشه اليوم، أو ما بعده، أو ما قبل ذلك.


(١) أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» ٤/ ٤٠٦، ٤٠٧ (٨٢٣٩، ٨٢٤٠)، والطبري في «جامع البيان» (٨/ ٦٩١)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» ٤/ ١٢٠٦ (٦٨٠٤)، والحاكم (٣/ ٣١٠)، والبيهقي (٥/ ١٨١). قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».
(٢) أخرجه مالك في الشعر (٢/ ٩٥٢)، والبخاري في الأذان (٦٦٠)، ومسلم في الزكاة (١٠٣١)، والنسائي في آداب القضاة (٥٣٨٠)، والترمذي في الزهد (٢٣٩١)، وأحمد ٢/ ٤٣٩ (٩٦٦٥) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه البخاري في التفسير (٤٥١٣).

<<  <   >  >>