للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو تمام (١):

قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت … ويبتلي الله بعض القوم بالنعمِ

وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- (٢):

لا تكره المكروه عند حلوله … إن العواقب لم تزل متباينهْ

كم نعمة لا يستهان بشكرها … لله في طي المكاره كامنهْ!

وقال الآخر:

فلرب أمر مسخط … لك في عواقبه الرضا

ولربما اتسع المضيـ … ـق وربما ضاق الفضا (٣)

ومن هنا ينبغي أن يعلم المصاب بفقد حبيب مِن ولد، أو والد، أو زوج، أو أخ، أو قريب، أو صديق أن ما عند الله خير للمؤمن؛ لأن الشيطان قد يأتي لأهل المصاب؛ ليحزنهم، ويزيد مصابهم، فيوسوس لهم أن ميتهم المسكين خسر حياته أو خسر شبابه، أو أن المسكين مات بهذا الحادث أو بهذا المرض الخطير، أو مات فجأة، ونحو ذلك؛ فينبغي أن يعلم أن المؤمن إذا مات بأي وقت من عمره، وبأي سبب فما عند الله خير له، وهو مأجور على ما أصابه، وبموته انتقل من الضيق إلى السعة، ومن العناء إلى الراحة، ومن الخوف إلى بر الأمان؛ كما قال تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأحقاف: ١٣]، فلا خوف عليهم مما أمامهم، ولا هم يحزنون على مَن خلفهم، فالله يتولاهم ويتولى مَن خلفهم.

رابعًا: ينبغي أن يتذكر المصاب بمصيبته المصيبة العظمى بموت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وانقطاع الوحي من السماء.


(١) انظر: «ديوانه» ص (٥٧٧).
(٢) انظر: «الفرج بعد الشدة» (٥/ ٢٦)، «الصناعتين» ص (٢٢٦)، «خزانة الأدب» (٢/ ٣٧٧)، مع اختلاف في بعض الكلمات.
(٣) البيتان لصفي الدين الحلي. «الغيث المنسجم» ص (١١٣)، «الكشكول» (١/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>