للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو العتاهية (١):

اصبر لكل مصيبة وتجلدِ … واعلم بأن المرء غير مخلدِ

أَوَما ترى أن المصائب جمة … وترى المنية للعباد بمرصدِ؟!

من لم يُصَبْ ممَّن ترى بمصيبة؟! … هذا سبيل لستَ فيها بأوحدِ

وإذا أُصِبت مصيبة تشجى بها … فاجبر مصابك بالنبي محمدِ

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «قال أبو بكر -رضي الله عنه- بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزورها، فلما انتهينا إليها بكت، فقالا لها: ما يبكيكِ؟ ما عند الله خير لرسوله -صلى الله عليه وسلم-. فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها» (٢).

قال حسان -رضي الله عنه- (٣):

بطيبةَ رسمٌ للرسولِ ومعهدُ … منيفٌ وقد تعفو الرسومُ وتَهمدُ

ظللتُ بها أبكي الرسولَ فأسعدتْ … عُيون وَمِثْلاها مِنَ الجَفْنِ تُسعدُ

فَبُورِكتَ يا قبرَ الرَّسولِ وبورِكتْ … بِلَادٌ ثَوَى فيهَا الرّشِيدُ المُسَدَّدُ

وبوركَ لحدٌ منكَ ضُمِّنَ طيبًا … عليهِ بناءٌ من صفيحٍ مُنضَّدُ

تهيلُ عليهِ التُّربَ أيدٍ وأعينٌ … عليهِ وقدْ غارتْ بذلكَ أَسعُدُ

لقد غَيَّبوا حِلْمًا وعِلْمًا وَرَحمةً … عشيةَ علَّوْهُ الثرى لا يُوسَّدُ

وَرَاحُوا بحُزْنٍ ليس فيهِمْ نَبيُّهُمْ … وَقَدْ وَهَنَتْ منهُمْ ظهورٌ وأَعْضُدُ

يُبَكُّونَ مَن تبكي السمواتُ يومَهُ … ومَن قدْ بَكَتْهُ الأرضُ فالناس أَكْمَدُ

وهلْ عدلتْ يومًا رزيةُ هالكٍ … رزيةَ يومٍ ماتَ فيهِ محمدُ


(١) انظر: «ديوانه» ص (١٢٩).
(٢) أخرجه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٥٤)، وابن ماجه مختصرًا في الجنائز (١٦٣٥).
(٣) «ديوانه» ص (٦٠ - ٦٣).

<<  <   >  >>