للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَقَطَّعَ فيهِ مُنزِلُ الوَحْيِ عَنهُمُ … وَقَد كان ذا نورٍ يَغورُ ويُنْجِدُ

فَبَيْنَا هُمُ في ذلكَ النُّورِ إذْ غَدَا … إلى نُورِهِمْ سَهْمٌ من المَوْتِ مُقصِدُ

فأصبحَ محمودًا إلى اللهِ راجعًا … يُبَكِّيهِ جفنُ المرسلاتِ ويحمدُ

وأمستْ بِلادُ الحَرْم وَحشًا بقاعُها … لِغَيْبَةِ ما كانَتْ منَ الوَحْيِ تعهدُ

قِفارًا سِوَى مَعْمورَةِ اللَّحْدِ ضَافَها … فَقِيدٌ يُبَكِّيهِ بَلاطٌ وغَرْقدُ

وَمَسْجِدُهُ فالموحِشاتُ لِفَقْدِهِ … خلاءٌ لهُ فيهِ مقامٌ ومقعدُ

فبكِّي رسولَ الله يا عينُ حسرةً … ولا أَعرِفَنْكِ الدهرَ دمعك يجمدُ

وما لي لا أبكي لذي النعمة التي … على الناس منها سابغ يُتغمدُ!

فجودي عليه بالدموع وأعولي … لفقد الذي لا مثله الدهر يُوجدُ

فما فقد الماضون مثل محمد … ولا مثله حتى القيامة يُفقدُ

خامسًا: أن يعلم المصاب أن المصيبة الكبرى والبلية العظمي أن يصاب الإنسان في دينه فيخسر دنياه وأخراه؛ كما قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ١ - ٣].

وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزمر: ١٥].

قال شريح -رحمه الله-: «إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات: أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي، وأحمده إذ رزقني الصبر عليها، وأحمده إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو فيه من الثواب، وأحمده إذ لم يجعلها في ديني» (١)؛ فإن من كل شيء عوضًا إلا الدين.

سادسًا: على المصاب انتظار الفَرَج من الله تعالى: كما قال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الانشراح: ٥، ٦].

وقال -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس -رضي الله عنهما-: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن


(١) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» ٧/ ١٩٨ (٩٩٨٠)، وابن عساكر في «تاريخه» (٢٣/ ٤٢). وانظر: «الكبائر» للذهبي ص (١٩٥)، «سير أعلام النبلاء» (٤/ ١٠٥).

<<  <   >  >>