للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن شكره -عز وجل- ذكره وإكمال عدة الصيام، وتكبيره -عز وجل- على هدايته إياهم.

وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: ١٤]، فأمر -عز وجل- بشكره، وجعل منه شكر الوالدين بالقيام بحقوقهما، فحقيقة الشكر وثمرته عبادة الله تعالى وطاعته.

وقال تعالى في الثناء على نبيه نوح -عليه الصلاة والسلام-: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسراء: ٣]؛ أي: إنه كان عبدًا شكورًا لربه -عز وجل-، معترِفًا بنعمه، مثنِيًا بها عليه، مستعملًا لها في مرضاته، حامدًا ربه على كل حال، وفي كل حين.

وكما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الناس يوم القيامة … » الحديث، وفيه: «فيأتون نوحًا فيقولون: إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدًا شكورًا؛ اشفع لنا إلى ربك» (١).

وكل نعمة من نعم الله التي لا تُعد ولا تُحصى تَستوجب شكرًا خاصًّا؛ كنعمة الخلق، ونعمة الإسلام، ونعمة الرزق والأمن، والصحة، والفراغ، والأزواج، والأولاد، وغيرها من النعم، وسيأتي تفصيل شيء من هذا في الوقفات التالية.

ثانيًا: الاعتدال في النفقة، والمأكل، والمشرب، والملبس، والمسكن، والمركب وغير ذلك:

الاعتدال في النفقة في المأكل والمشرب، والملبس والمسكن والمركب، وفي جميع شؤون الحياة، من أعظم أوجه الشكر، وصفات الشاكرين.

قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: ٢٩].

وقال تعالى في مدح عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: ٦٧]؛ أي: حسب ما تقوم به الحال، فلا إسراف ولا تقتير، ولهذا قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- لما سأله عبد الملك بن مَرْوان حين زوجه ابنته فاطمة: ما نفقتك؟ فقال له


(١) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٣٤٠)، وفي التفسير (٤٧١٢)، ومسلم في الإيمان (١٩٤)، والترمذي في صفة القيامة (٢٤٣٤)، وأحمد ٢/ ٤٣٥ (٩٦٢٣).

<<  <   >  >>