للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا والله لا أنساك حتى … أفارق مهجتي ويشق رمسِي

فقد ودعت يوم فراق صخر … أبي حسان لذاتي وأنسِي

فيا لهفي عليه ولهف أمي … أيصبح في الضريح وفيه يمسي؟! (١)

ثامنًا: ينبغي أن يُعلم أنه ما سلم أحد من المصائب، حتى الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكما قيل:

ولو كانت الدنيا تدوم لأهلها … لكان رسول الله حيًّا مخلدَا (٢)

بل لم يسلم الوحوش في القفار، والأسود في الغابات، والحيتان في أعماق البحار، وكما قيل:

هي الليالي وقاك الله صولتها … تصول حتى على الآساد في الأجمِ (٣)

وقد روي أن الإسكندر المقدوني ويقال: ذا القرنين. لما حضرته الوفاة أمر أمه أن تصنع طعامًا إذا مات وتدعو له جميع الناس، وأن تكتب على الباب أنه لا يأتي إليها إلا من لم يصب بمصيبة قط، ففعلت ذلك، فلم يأتها أحد، فقالت: لِمَ لَمْ يأتِ إليَّ أحد؟ فقيل لها: إنك كتبت أنه لا يأتي إليك إلا مَن لم يُصَبْ بمصيبة قط، وما من أحد إلا وقد أصيب بمصيبة، فعلمت السر في وصية ابنها لها بذلك وقالت: «لقد عزيتني عن نفسك بنفسك» (٤).


(١) انظر: «ديوان الخنساء» ص (٨٤).
(٢) البيت ينسب لحسان. انظر: «الكشكول» (١/ ٢٨٩) وليس في ديوانه.
(٣) البيت لأبي عبد الله العربي العقيلي. انظر: «نفح الطيب» (٤/ ٥٢٩).
(٤) انظر: «العقد الفريد» (٣/ ٢٣٣)، «المستطرف» (٢/ ٥٨٧)، «مروج الذهب» (١/ ٢٩٢)، «مختار الحكم» ص (٢٣٩)، وانظر: «تاريخ دمشق» (١٧/ ٣٥٨)، «التبصرة» لابن الجوزي (١/ ١٧٣).

<<  <   >  >>