للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلم ينتظر الصحابة رضوان الله عليهم استيقاظَه -صلى الله عليه وسلم- ليصليَ عليها معهم، ولم ينكر -صلى الله عليه وسلم- ذلك عليهم، وإنما قال لهم: «أفلا آذنتموني»؟ أي: أخبرتموني، فبيَّنوا له سبب ذلك، وهو أن ذلك كان ليلًا.

ولهذا لا ينبغي أن تؤخَّر الصلاةُ على الميت ودفنُه انتظارًا لمن كان بعيدًا أو مسافرًا من أقاربه أو معارفه وأصدقائه، أو لأجل حشد أكبر عددٍ من المصلين، ونحو ذلك، إلا في حدود وقت كافٍ لتجهيزه وتغسيله وتكفينه، وحفر قبره، أو انتظار وقت صلاةٍ قريبٍ، ونحوِ ذلك، كما قال الفقهاء -رحمهم الله-.

٢ استبدال الكتابة للناس في وسائل الاتصال بأن العزاء في المقبرة بغيرها، كأن يكتب للناس: ليس هناك جلوس في البيت للتعزية، ونحو ذلك؛ لأن التعزية ليس لها مكان محدود ولا وقت محدود. قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: «ليس للعزاء أيام محدودة، بل يُشرع من حين خروج الروح، قبل الصلاة على الميت وبعدها، وليس لغايته حد في الشرع المطهر، سواء كان ذلك ليلًا أو نهارًا، وسواء كان ذلك في البيت أو الطريق، أو المسجد، أو في المقبرة، أو في غير ذلك من الأماكن» (١).

٣ ينبغي لكل من دخل المقبرة من المشيِّعين وغيرهم الحرص على السلام على الأموات، والدعاء لهم، وعدم نسيان ذلك.

٤ ينبغي لأهل الميت ومَن شيَّعه معهم تقديمُ دفنِه، والدعاء له بعد ذلك بالمغفرة والثبات، وعدم الانشغال عن ذلك بالتعزية؛ لأن دفنه والدعاء له بعد الدفن من حقه عليهم، وهو أولى وآكد، ويفوت وقته بخلاف التعزية.

عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا فرَغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: «استغفِرُوا لأخيكم، وسَلُوا له التثبيتَ؛ فإنه الآنَ يُسأل» (٢).


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة وسماحة الشيخ ابن باز» رقم (٧٤٠٨).
(٢) أخرجه أبو داود في الجنائز (٣٢٢١) من حديث عثمان -رضي الله عنه-. قال النووي في «الخلاصة» (٢/ ١٠٢٨): «رواه أبو داود بإسناد حسن». وقال الألباني في «أحكام الجنائز» ص (١٥٦): «أخرجه أبو داود والحاكم (١/ ٣٧٠)، والبيهقي (٤/ ٥٦) وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» ص (١٢٩). وقال الحاكم: «صحيح الإسناد». ووافقه الذهبي، وهو كما قالا».

<<  <   >  >>