٥ التعزية إنما تكون لأهل الميت وأقاربه، ومَن أُصيب وتأثر بموته، لا لكل مَن شيع الجنازة وحضرها.
٦ يُستحسن ممن ليس لديه القدرة على الصبر والتحمل، ومقابلة المعزين، من أقارب الميت، ويُخشى أن يتأثر أو يتضرر: عدم الجلوس للتعزية، ولا يُلزَم بذلك؛ لأن التعزية إنما شُرعت للمواساة، وتخفيف المصاب، والدعاء للميت، وهي في الأصل سُنة، فإذا ترتب عليها ضرر، وجب تركها.
٧ اعتاد الناس في المدن والبلدان الكبيرة الصلاة في وقت واحد على عدة أموات، ووصيتي لكل مَن شيعهم وحضر دفنهم ألا يغادرَ المقبرة حتى يدعو لهم جميعًا بالمغفرة والثبات، فإن تمكن من الوقوف عند قبر كل واحدٍ منهم والدعاء له فحسَن، وإلا عمَّ بالدعاء لهم جميعًا. ولا يكتفي بالدعاء فقط لميته، كما هو حال كثير من الناس اليوم.
٨ رغَّب النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة على الجنائز واتباعها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «من شهد الجنازة حتى يصليَ فله قِيراط، ومن شهِدها حتى تُدفَنَ له قيراطان»(١).
وهذا فضل عظيم ينبغي للمسلم أن يحرص ألا يفوته هذا الأجر، إذا قدَر على ذلك دون تعطيل سائر أعماله، والتخلي عما عليه من حقوق قد يكون بعضها لله -عز وجل-، أو لوالديه وأهله وأولاده، وأقاربه وجيرانه وإخوانه، أو للأمة عامة؛ لأن هناك أناسًا فرغوا أنفسهم للصلاة على الجنائز واتباعها، فجلسوا ينتظرون الجنائز، وفرطوا في كثيرٍ من الحقوق المذكورة وغيرها.
وهذا أمر لم يفعله الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا القرون المفضلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم، ولا مَن بعدهم مِن خيرة هذه الأمة، وقد وصل الحال ببعض من ذُكر أنه يمر على الجنائز في بعض المساجد فيصلي عليها بمفرده قبل صلاة الناس عليها