للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن أعتكِفَ في هذا المسجد شهرًا» (١)؛ يعني مسجد المدينة.

وذُكر أن طاوسًا -رحمه الله- كان له صديق فمرض وطال به المرض، حتى جاء الحج، وكان طاوس يحج كل سنة، فترك الحج، وجلس على تمريض صديقه، ومواساته (٢).

قال الشاعر:

ما ودني أحدٌ إلا بذلتُ له … صَفْوَ المودةِ مِني آخِرَ الأبدِ

ولا قَلَاني وإن كنتُ المُحِبَّ له … إلا دعوتُ له الرحمنَ بالرشدِ

ولا ائتُمنتُ على سرٍّ فبُحتُ به … ولا مدَدتُ إلى غير الجميل يدي (٣)

وكثير من الأصدقاء يكون مع صديقه في وقت الرخاء والسراء، فإذا حصل لصديقه شدة وضراء تخلى عنه؛ ولهذا لما سئل أحدهم: بم يُعرف الصديق؟ قال: «بالشدائد؛ لأن كل أحد في الرخاء صديق» (٤).

قال الشاعر:

جَزَى اللهُ الشدائدَ كلَّ خَيرٍ … عرَفتُ بها عَدُوِّي من صَديقي

وقال الآخر:

كم من صديقٍ لنا أيامَ دَولَتِنا … قد كان يَمدَحُنا فصار يَهْجُونا (٥)

وقال الآخر:

فأنت أخي ما لم تكن ليَ حاجةٌ … فإن وُجِدتْ أيقنتُ أنْ لا أخا لِيَا (٦)

وقال الآخر:

صديقك حين تستغني كثير … وما لك عند فقرِك من صديقِ


(١) أخرجه الطبراني في «الكبير» ١٢/ ٤٥٣ (١٣٦٤٦)، وفي «الأوسط» ٦/ ١٣٩ (٦٠٢٦)، وفي «الصغير» ٢/ ١٠٦ (٨٦١)، وصححه الألباني في «الصحيحة» (٩٠٦)، و «صحيح الجامع» (١٧٦).
(٢) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» ٧/ ٨٧ (٩٥٧٣).
(٣) «الصداقة والصديق» ص ١٠٨.
(٤) المصدر السابق ص ٧١.
(٥) انظر: المصدر السابق ص ٢٥٣.
(٦) المصدر السابق ص ١٣٧.

<<  <   >  >>