للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا تغضَبْ على أحدٍ إذا ما … طَوَى عنك الزيارةَ عند ضِيقِ (١)

وهذا في الحقيقة لا يُعد صديقًا، ولا خير في صحبته، بل هو إلى العداوة أقرب، كما قال الشافعي -رحمه الله- (٢):

صديق ليس ينفَع يوم بُؤسٍ … قريبٌ من عدوٍّ في القياسِ

وقال أيضًا:

ولا خيرَ في خِلٍّ يَخُونُ خَليلَه

ويَلقاهُ من بعدِ المودةِ بالجَفَا (٣)

بل إن من الأصدقاء من لا يعرف صديقه إلا وقتَ الحاجة، فلا يزوره، ولا يدعوه، ولا يتصل به، ولا يسأل عنه، بل ينقطع عنه الأسابيع والشهور، وربما الأعوام، فإذا بدا له حاجةٌ سارع إلى الاتصال به، وهذا أسوأ حالًا من الأول.

٣ أن يتوسط ويتوازن كل منهما مع الآخر، في الزيارات والاتصال، والمتطلبات، ونحو ذلك.

فإن كثرة الزيارات، وإطالة الجلوس، وكثرة الاتصال، وكثر المتطلبات والإلحاح تحدِث مَلَلًا، حتى إن بعض الأصدقاء يود أنه لم يعرف صديقه بسبب ذلك.

والعرب تقول: «زُرْ غِبًّا، تَزْدَدْ حُبًّا» (٤).

ورُوي في هذا حديث من رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- (٥)، وغيره.


(١) المصدر السابق ص ٢٧٣.
(٢) انظر: «ديوانه» (ص ٦٨).
(٣) سيأتي.
(٤) انظر: «الصداقة والصديق» ص ١٢٠.
(٥) أخرجه أبو داود الطيالسي ٤/ ٢٦٨ (٢٦٥٨)، والحارث بن أبي أسامة كما في «بغية الباحث» ٢/ ٨٦٢ (٩٢٠)، والبزار ١٦/ ١٩١ (٩٣١٥)، والخرائطي في «اعتلال القلوب» ٢/ ٢٩٥ (٥٨٥)، وابن الأعرابي في «معجمه» ٢/ ٧٥٢ (١٥٢٦)، والطبراني في «الأوسط» ٢/ ٢١٠ (١٧٥٤)، ٦/ ٩ (٥٦٤١). وأخرجه البزار ٩/ ٣٨٠ (٣٩٦٣) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-. وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٤/ ٢١ (٣٥٣٥)، والحاكم (٣/ ٣٤٧) من حديث حبيب بن مسلمة. وأخرجه الطبراني في «الكبير» ١٣/ ٧٠ (١٧٣) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-. قال الهيثمي في «المجمع» (٨/ ٣٢١): «رواه الطبراني وإسناده جيد». وقد رُوي عن علي وجابر ومعاوية بن حيدة مرفوعًا، وعن عائشة موقوفًا. قال البزار: «ليس في «زر غِبًّا تَزدَدْ حبًّا» عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث صحيح».

<<  <   >  >>