للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قرأ القرآن في أقل من ثلاث».

وقد جا أنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يختم القرآن في أقل من ثلاث (١).

الأمر الثاني: التمكن من التدبر، وهو المقصود الأول والأعظم والأهم من إنزال القرآن الكريم، كما قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: ٢٩].

إضافة إلى هذا أن من يقرأ القرآن في أقل من ثلاث سواء في ليلة أو ليلتين، قد لا يسلم من التقصير في هذه المدة في حقوق أخرى، لله أو لنفسه، أو لوالديه، أو لأهله، أو لأولاده، أو لغيرهم، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: «فإن لزوجك عليك حقَّا، ولزورك عليك حقَّا، ولجسدك عليك حقَّا».

وهذا والله أعلم من الحكمة في النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث، إضافة إلى عدم التمكن من التدبر، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث».

قال ابن باز -رحمه الله- (٢): «وبعض السلف قال: يُستثنى من ذلك أوقات الفضائل، وأنه لا بأس أن يختم في كل ليلة، أو في كل يوم (٣)، كما ذكروا ذلك عن الشافعي وغيره.

لكن ظاهر السنة أنه لا فرق بين رمضان وغيره، وأنه ينبغي له أن لا يتعجل، وأن يطمئن في قراءته، وأن يرتل كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن عمرو فقال: «اقرأه في سبع»، وهذا آخر ما أمره به، وقال: «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث»، ولم يقل: إلا في رمضان، فحَمْلُ بعض السلف هذا على غير رمضان محل نظر.

والأقرب- والله أعلم- أن المشروع للمؤمن أن يُعنى بالقرآن، ويجتهد في إحسان قراءته، وتدبر القرآن، والعناية بالمعنى، ولا يعجل، والأفضل ألا يختم في أقل من ثلاث، هذا هو الذي ينبغي حسب ما جاءت به السنة ولو في رمضان».


(١) أخرجه ابن سعد (١/ ٣٧٦)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم-» ص ٢٨١.
(٢) في «الجواب الصحيح، في أحكام صلاة الليل والتراويح» ص ٢٧.
(٣) انظر: «لطائف المعارف» لابن رجب ص ٢٠٢.

<<  <   >  >>