للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدعوى الجاهليةِ لم أُجبْهم … ولا يدعو بها غيرُ الأثيمِ

دعيُّ القومِ ينصر مدَّعيه … فيُلحِقُه بذي النسبِ الصميمِ

وما كرمٌ ولو شرُفت جُدودٌ … ولكنَّ التقيَّ هو الكريمُ (١)

وقال الآخر:

لَعَمْرُكَ ما الإنسانُ إلا بدينِه … فلا تتركِ التقوى اتكالًا على النسَبْ

فقد رفعَ الإسلامُ سَلمانَ فارسٍ … وقد وضع الشركُ الشريفَ أبا لهَبْ (٢)

وقال الآخر:

أنا مسلمٌ وأقولُها مِلءَ الوَرَى … وعقيدتي نور الحياةِ وسُؤْدَدِي

إن العقيدةَ في قلوب رِجالها … من ذرة أقوى وألف مُهنَّدِ (٣)

وقال الآخر:

ألا إنما التقوى هي العزُّ والكرَمْ … وحبُّك للدنيا هو الذلُّ والعَدَمْ

وليس على عبدٍ تقيٍّ نقيصةٌ … إذا صحح التقوى وإن حاك أو حَجَمْ (٤)

ولو كان النسب ينفع لاستطاع الأنبياء -عليهم السلام- وهم خيرة خلق الله- أن ينفعوا أبناءهم وآباءهم وأقاربهم، فلم ينفع نوح -عليه الصلاة والسلام- ابنه، قال تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (٤٥) قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: ٤٥ - ٤٧].

ولم ينفع إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- خليل الرحمن أباه، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: ١١٤].

وما نفع محمد -صلى الله عليه وسلم- سيد البشرية كلها قرابته، قال تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ


(١) انظر: «الشعر والشعراء» (١/ ٥٢٨).
(٢) البيتان للإمام علي -رضي الله عنه-. انظر: «ديوانه» (١١).
(٣) بلا نسبة في «دليل الواعظ، إلى أدلة المواعظ» (ص ١٨٦).
(٤) البيتان لأبي العتاهية، انظر: «ديوانه» ص (٣٩٤).

<<  <   >  >>