للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: ١١٣]:

فما نفع عمه أبا لهب، قال تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [سورة المسد].

وما نفع عمه أبا طالب الذي كفله، وأحاطه بعنايته ورعايته، ومنع المشركين من الوصول إليه وأذيته؛ فقد جاء -صلى الله عليه وسلم- إلى عمه أبي طالب لما حضرته الوفاة، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: «يا عمِّ، قلْ: لا إله إلا الله، كلمة أُحاجُّ لك بها عند الله»، وأبو جهل وعبد الله بن أبي أمية يقولان له: قل: بل على ملة عبد المطلب. فقال: بل على ملة عبد المطلب. وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فحزِن النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك (١)، فأنزل الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: ٥٦].

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أنزل الله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] قال: «يا معشر قريش- أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم، لا أُغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبد مَناف، لا أُغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبد المطلب، لا أُغني عنك من الله شيئًا، ويا صفيةُ عمةَ رسول الله لا أُغني عنك من الله شيئًا، ويا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئتِ من مالي، لا أغني عنكِ من الله شيئًا» (٢).

فلا نسب ولا حسب ينفع عند الله تعالى، قال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: ١٠١]، وقال تعالى: {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الممتحنة: ٣]، وقال تعالى: {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [الدخان: ٤١].


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري في الوصايا (٢٧٥٣)، وفي التفسير (٤٧٧١)، ومسلم في الإيمان (٢٠٦)، والنسائي في الوصايا (٣٦٤٦، ٣٦٤٧).

<<  <   >  >>