للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأركان عند سقوطها، ما عدا الشهادتين.

قال الإمام أحمد -رحمه الله- (١): «فالصلاة خطرها عظيم، وأمرها جسيم، وبالصلاة أمَر الله -تبارك وتعالى- رسولَه أول ما أَوحى إليه بالنبوة، قبل كل عمل، وقبل كل فريضة، وبالصلاة أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- عند خروجه من الدنيا، قال: «اللهَ، اللهَ في الصلاة، وفيما مَلَكَتْ أيمانُكم» (٢) في آخر وصيته إياهم.

وجاء الحديث أنها آخر وصية كل نبيٍّ لأُمته، وآخر عهده إليهم عند خروجه من الدنيا، وجاء في حديث آخر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يَجُودُ بنفسه ويقول: «الصلاةَ، الصلاةَ، الصلاةَ» (٣).

فالصلاة أول فريضة فُرضت عليه، وهي آخر ما وصى به أمته، وآخر ما يذهب من الإسلام، وهي أول ما يُسأل عنه العبد من عمله يوم القيامة، وهي عمود الإسلام، وليس بعد ذهابها إسلام ولادين».

وقال ابن القيم -رحمه الله- في «مفتاح دار السعادة» (٤) في فضل الصلاة، وعِظم منزلتها: «فالصلاة قد وُضعت على أكمل الوجوه وأحسنها، التي تعبَّد الخالق -تبارك وتعالى- عباده؛ من تضمنها للتعظيم له، بأنواع الجوارح؛ من نطق اللسان، وعمل اليدين والرجلين، والرأس، وحواسه، وسائر أجزاء البدن، كلٌّ يأخذ حظه من الحكمة في هذه العبادة العظيمة المقدار، مع أخذ الحواسِّ الباطنة بخِطامها، وقيام القلب بواجب عبوديته فيها، فهي مشتمِلة على الثناء والمدح، والتحميد، والتسبيح، والتكبير، وشهادة الحق، والقيام بين يديِ الرب مقام العبد الذليل، الخاضع المدبَّر المربوب، ثم التذلُّل له في هذا المقام، والتضرع، والتقرب إليه بكلامه … ».

ثم ذكر تذلُّلَه وخشوعه له -عز وجل- في كل أحوال الصلاة، في ركوعه، ورفعه، وسجوده، واستوائه، وجلوسه، وتشهده، وثنائه على ربه، وسلامه على نبيه، وعلى عباده الصالحين، وصلاته على رسوله، ثم سؤاله ربه من خيره، وبره، وفضله، ثم قال: «فأيُّ


(١) في «رسالة الصلاة» ص (٢٢)، فقرة (٢٤).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سبق تخريجه قريبًا.
(٤) / ٦، الطبعة الأولى ١٤١٤ هـ، ١٩٩٤ م.

<<  <   >  >>