للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون: ٩]، وفي المعارج: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [الآية: ٣٤].

وهي الصلة بين العبد وبين ربه؛ ولهذا فإنها لا تسقُط بحالٍ من الأحوال، ما دام العقل موجودًا، لا في حال الخوف، ولا في حال المرض، أو غير ذلك، قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩]؛ أي: فصلوا رجالًا أو ركبانًا.

وقال -صلى الله عليه وسلم- لعِمرانَ بنِ حُصَينٍ -رضي الله عنه-: «صلِّ قائمًا، فإنْ لم تستطِعْ فقاعدًا، فإنْ لم تَستطِعْ فعلى جَنْبٍ» (١).

وقال أبو بكر -رضي الله عنه-: «واعلَموا أن لله عملًا في الليل لا يَقبَلُه في النهار، وعملًا في النهار لا يقبله في الليل» (٢).

قال ابن تيميَّةَ -رحمه الله- بعد ذكره قول أبي بكر -رضي الله عنه-: «وأما عمل النهار الذي لا يقبله بالليل، وعمل الليل الذي لا يقبله بالنهار، فهما صلاة الظهر والعصر، لا يحِل للإنسان أن يؤخِّرَهما إلى الليل» (٣).

وقال أيضًا: «وبالجملة، فليس لأحدٍ قطُّ شُغلٌ يُسقِطُ عنه فعلَ الصلاة في وقتها، بحيث يؤخر صلاةَ النهار إلى الليل، وصلاةَ الليل إلى النهار، بل لا بد من فِعلِها في الوقت» (٤).

وبقية أركان الإسلام بعد الشهادتينِ قد تسقط، فالزكاة تسقط عمن لا مال عنده، والصوم يسقط عمن لا يستطيعه؛ لمرضٍ، أو كِبَر، أو غير ذلك، والحج يسقط عمن لا يستطيع إليه سبيلًا؛ ولهذا كانت الصلاة عمادَ الدين، وعموده؛ لأنها تقوم مقام جميع


(١) أخرجه البخاري في الجمعة (١١١٧)، وأبو داود في الصلاة (٩٥٢)، والنسائي في قيام الليل (١٦٦٠)، والترمذي في الصلاة (٣٧٢)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (١٢٢٣)، وأحمد ٤/ ٤٢٦ (١٩٨١٩) من حديث عمران بن حُصين -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنَّفه» ١٩/ ١٣٤ (٣٥٥٧٤)، وعمر بن شبة في «تاريخ المدينة» (٢/ ٦٧٢)، والآجُرِّيُّ في «الشريعة» ٤/ ١٧٣٩ (١٢٠٢). وانظر: «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٣٨ - ٤٠).
(٣) «الفتاوى الكبرى» (٢/ ١٧).
(٤) «الفتاوى الكبرى» (٢/ ١٦).

<<  <   >  >>