للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في في امرأته (١).

وإن كنت ممن نعَّمه الله ووسع له في رزقه، فاحذر أن تبطرك النعمة وتلهيك الدنيا عن طاعة الله -عز وجل-، وفرغ نفسك بعض الوقت لعبادة ربك والاستزادة من نوافل العبادة، واحرص على ذلك كلما تقدم بك العمر، وخذ أكبر نصيب من ربك، واحفظ دينك، وقدم مالك وقاية لدينك، فإن كان لك أموال تشغلك إدارتها؛ من تجارة، أو زراعة، أو صناعة، أو غير ذلك فشجع أولادك على مساعدتك، بل وعلى النيابة عنك لتتفرغ لما هو أهم وهو عبادة ربك، ولا تبخل على أولادك في هذا ولو شاطرتهم بعض مالك، فالمال إن بخلت به عنهم شغلك عن طاعة الله حتى آخر لحظة من عمرك، ثم تركته وانتقل بعدك إليهم، بل لا تبخل بمالك على من تقيمه يدير أعمالك وإن لم يكن من أولادك ما دام أنه يكفيك إدارة تلك الأموال؛ لتتفرغ لعبادة ربك بقلب حاضر خاشع منيب.

واعلم أن الدنيا بما فيها لا قيمة لها إذا أضعت نصيبك من ربك.

وختامًا أقول: أخي المسلم، تذكر أن المفازة بعيدة، وأن السفر طويل، وأن العقبة كؤود، فأعدَّ للأمر عدته.

بكى أبو هريرة -رضي الله عنه- لما حضرته الوفاة، ثم قال -رضي الله عنه-: «والله ما أبكي على دنياكم هذه، وإنما أبكي على طول سفري وقلة زادي» (٢).

وبكى بعض السلف عند وفاته، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: «أبكي إذا صلى المصلون ولست فيهم، وإذا صام الصائمون ولست فيهم، وإذا ذكر الذاكرون ولست فيهم» (٣).


(١) كما في حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: «وإنك لن تنفق نفقه تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل فِي فِي امرأتك» وقد سبق تخريجه عند الحديث عن مقدار الوصية.
(٢) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٢/ ٣٨)، وأحمد في «الزهد» ١/ ٢٨٤ (٨٣٥)، وابن أبي الدنيا في «المحتضرين» (١٧٥، ٢٧٨) وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (١/ ٣٨٣).
(٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في «المحتضرين» (١٩٢)، والبيهقي في «شعب الإيمان» ٣/ ٤١٤ (٣٩٣٥) عن عبيد الله بن محمد التيمي قال: حدثني بعض أشياخنا: أن رجلا من علية هذه الأمة حضرته الوفاة … وانظر: «التبصرة» لابن الجوزي (١/ ٢١٤)، و «لطائف المعارف» لابن رجب ص (٣٠١).

<<  <   >  >>