أفناهم عنهم وقد كشفت لهم ... حجب البقا فتلاشت الأرواح
مع أبيات أخرى في أثنائها وفي آخرها أوليتها حذف هجر الإعراض - عند لمعان برق سحاب بعض الأعراض. وكان شافعي المذهب ويلقب بالمؤيد بالملكوت. قال ابن خلكان: وكان يتهم بانحلال العقيدة والتعطيل واعتقاد مذهب الحكماء المتقدمين، واشتهرعنه ذلك، فلما وصل إلى حلب أفتى علماؤها بإباحة قتله، بما ظهر لهم من سوء مذهبه في اعتقاده قال: وقال الشيخ سيف الدين الآمدي: اجتمعت بالسهروردي في حلب، فقال لي: لا بد لي أن أملك الأرض، فقلت له: من أين لك هذا؟ قال: رأيت في المنام كأني شربت ماء البحر، فقلت: لعل هذا يكون اشتهار العلم وما يناسبها، فرأيته لا يرجع عما وقع في نفسه، ورأيته كثير العلم قليل العقل. وكان في دولة الملك الظاهر ابن السلطان صلاح الدين، فحبسه، ثم خنقه بإشارة والده صلاح الدين - وعمره ثمان وقيل: ست وثلاثون - وقيل: قتله وصلبه أياماً. وقيل: خير بين أنواع القتل فاختار أن يموت جوعاً لاعتياده الرياضات، فمنع من الطعام حتى تلف. ونقل ابن الجوزي في تاريخه عن ابن شداد قال: أقمت بحلب للاشتغال بالعلم الشريف، ورأيت أهلها مختلفين في أمر، فمنهم من ينسبه إلى الزندقه والإلحاد - وهم أكثر الناس - ومنهم من يعتقد فيه الصلاح وأنه من أهل الكرامات ويقولون: ظهر لهم بعد قتله ما يشهد له بذلك. وانتهى، والله أعلم ببواطن العباد وإليه المرجع والمعاد.
[سنة ثمان وثمانين وخمس مائة]
فيها سار شهاب الدين الغوري صاحب غزنة بجيوشه، فالتقى ملك الهند، فانتصر المسلمون واستحر القتل بالهنود، وأسر ملكهم، وغنم المسلمون ما لا ينحصر، من ذلك أربعة عشر فيلاً.
وفيها التقى المسلمون بالشام الفرنج غير مرة، والنصرة كلها للمسلمين إلا واحدة، مقدمها الملك العادل، فدهمهم العدو وهزمهم. وفيها توفي أبو الفضل اسماعيل بن علي الشافعي الفرضي، من أعيان المحدثين.