أصله من قرية على باب دمشق فقدم أبوه من الشام إلى العراق وأقام بواسط، فولد محمد ونشأ بالكوفة، قال الشافعي لو أشاء أن أقول نزل القرآن بلغة محمد بن الحسن لقلت، لفصاحته. وقال أيضاً ما رأيت أحداً يسأل عن مسألة فيها نظر إلا تبينت في وجهه الكراهة إلا محمد بن الحسن. وقال غيره: لقي جماعة من أعلام الأئمة، وحضر مجلس أبي حنيفة سنتين، ثم تفقه على أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وصنف الكتب الكبيرة النادرة، ومنها الجامع الكبير والجامع الصغير وغيرهما، وله في مصنفاته المسائل المشكلة خصوصاً المتعلقة بالعربية ونشر علم أبي حنيفة، وكان أفصح الناس، اذا تكلم خيل إلى سامعه أن القرآن نزل بلغته، ولما دخل الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه بغداد كان بها، وجرى بينهما مجالس ومسائل فظهر علو شأن الشافعي وبراعته في العلوم. وقد ذكرت شيئاً من ذلك في مختصر مناقب الإمام الشافعي، وروي عن الشافعي أنه قال: ما رأيت سميناً ذكياً إلا محمد بن الحسن. وحكى محمد بن الحسن أنه أتى أبو حنيفة بامرأة ماتت وفي جوفها ولد يتحرك، فأمرهم فشقوا جوفها واستخرجوا الولد، وكان غلاماً فعاش حتى طلب العلم، وكان يتردد إلى مجلس محمد بن الحسن رحمه الله، وسمي ابن أبي حنيفة. قلت وقد حكيت هذه الحكاية على غير هذا الوجه، فقيل إن الإمام الشافعي هو الذي أفتى بشق بطن أمه واخراج الولد، وكان بعض العلماء قد أفتى بالدفن مع الحمل، فنشأ الولد وتسلم العلم فسأل عن الذي كان قد أفتى بدفنه مع أمه فقال الإمام الشافعي هذا الذي أفتيت بقتله، والله أعلم أي ذلك كان ويحتمل أن تكونا قضيتين. قال محمد بن الحسن خلف أبي ثلاثين ألف درهم فأنفقت نصفها على النحو والشعر وأنفقت الباقي على الفقه ولما توفي هو والكسائي قال الرشيد دفنا الفقه والنحو بالري كما تقدم، ومحمد بن الحسن هو ابن خالة الفراء صاحب النحو واللغة.
[سنة تسعين ومائة]
فيها فتح هرقلة واستعد الرشيد وأمعن في بلاد الروم، ودخلها في مائة ألف وبضع وثلاثين ألف سوى المجاهدين تطوعاً، وبث جيوشه تغير وتغنم وتخرب، فلما فتح هرقلة