الخير صحيح البخاري وسنن أبي داود، واجتمع عليه جماعة، وسمعوا عليه الكتابين المذكورين. وكان في الحديث متقناً للرواية عألفا بصحيحه ومعلوله. قال الإمام يحيى بن أبي الخير: ما رأيت أحفظ من هذا الشيخ - يعني: علي بن أبي بكر المذكور - في حفظ الحديث ولا أعرف منه، قيل له: ولا في العراق؟ قال: ما سمعت، قال ابن سمرة: وعنه أخذ شيخ قاضي عدن أحمد بن عبد الله القريظي، وله تصنيف مليح يعرف بكتاب الزلازل والأشراط، قال: وإليه ينتهي سند أكثر أصحابنا، وسمع عليه خلق كثير في الجند وعدن وغيرهما من بلاد اليمن. وفيها توفي أبو سعيد المؤيد بن محمد الأندلسي ألفاعر المشهور، من أعيان شعراء عصره، وله نظم عجيب مشتمل على المعاني المبتكرة، من ذلك قوله في وصف طنبور:
وطنبور مليح الشكل يحكي ... بنغمته الفصيحة عندليبا
روى لما روى نغماً فصاحاً ... حواها في تقنلها قضيبا
كذا من عاشر العلماء طفلاً ... يكون إذا نشا شيخاً أديبا
ولبعضهم في هذا المعنى:
وعود له نوعان من لذة المنى ... فبورك جان مجتنيه وغارس
تغنت عليه وهو رطب حمامة ... وغنت عليه قينة وهو يابس
[سنة ثمان وخمسين وخمس مائة]
فيها توفي الشيخ الزاهد أحمد بن محمد بن قدامة، وكان خطيب جماعيل بفتح الجيم وتشديد الميم وبكسر العين المهملة بعد الالف واللام بعد مثناة من تحت ففي من الفرنج مهاجراً إلى الله عز وجل، ثم صعد إلى الجبل، وكانوا يعرفون بالصالحية - لنزولهم بمسجد بني صالح، ومن ثم قيل جبل الصالحية - وكان قانتاً لله زاهداً صألفا، صاحب جد وصدق وحرص على الخير - رحمه الله تعالى -. وفيها توفي ابن القطان هبة الله بن الفضل ألفاعر المشهور البغدادي، سمع الحديث من جماعة، وسمع عليه، وكان غاية في الخلاعة والمجون، كثير المناح والمداعبات، وله ديوان شعر، وذكره السمعاني في الذيل وقال: شاعر مجود مليح الشعر، رقيق الطبع، إلا أن آلهجاء غالب عليه، وهو ممن يتقي لمانه، كتبت عنه حديثين، وعلقت عنه مقطمات من