خجلاً، فاجتمع به الوليد بن مسلم، وأنشده هذه القصيدة فقال لوكيله: بع ضيعتي الفلانية وأعطه نصف ثمنها، واحبس نصفه لنفقتنا، فباعها بمائة ألف درهم، فأعطى مسلماً خمسين ألفاً، فبلغ ذلك الرشيد فأعطاه مائتي ألف درهم، وقال: استرجع الضيعة بمائة ألف، وزد الشاعر خمسين ألفاً، واحبس لنفسك خمسين ألفاً، وللشعراء فيه أشعار يطول ذكرها، وفي معنى البيت الذي ذكر فيه أن الطير تتبعه أشعار لجماعة من الشعراء منها قول أبي تمام:
وقد ظللت عقبان راياته ضحى ... بعقبان طير في الدماء تواحل
أقامت على الرايات حتى كأنها ... من الجيش إلا أنها لم تقاتل
وقال يزيد استدعى بي الرشيد يوماً فأتيته لابساً سلاحي، فضحك، وقال: من الذي تقول فيك.
تراه من الأمن في درع مضاعفة ... لا يأمن الدهر أن يدعى على عجل
فقلت: لا أعرفه يا أمير المؤمنين، فقال: سوأة لك من سيد قوم، تمدح بمثل هذا ولا تعرف قائله؟ وقد بلغ أمير المؤمنين، فرواه ووصل قائله وهو مسلم بن الوليد. قال فانصرفت فدعوت به ووصلته. وروي أن عمه معن بن زائدة كان يقدمه على أولاده فعاتبته امرأته لذلك، فقال لها: إني لأجد عندهم من الغنى ما ليس عنده، فلو كان ما يصنع به يزيد بعيداً لصار قريباً، أو عدواً لصار حبيباً، وسأريك في هذه الليلة ما تبسطين به عذري، ثم قال: يا غلام اذهب فادع لي حساناً وزائدة وعبد الله وفلاناً وفلاناً حتى أتى على جميع ولده، فجاؤوا في العلالي الطيبة والنعال السندية بعد ليل، فسلموا وجلسوا، ثم قال معن: يا غلام ادع يزيد، فجاء عجلاً وعليه سلاحه، فوضع رمحه بباب المجلس ودخل،، فقال له معن: ما هذه الهيئة يا أبا الزبير؟ فقال: جاء في رسول الأمير فسبق إلى وهمي أنه يريدني وهمتي، فلبست سلاحي، فقال معن: انصرفوا في حفظ الله، فلما خرجوا قالت له زرجته: قد تبين لي عذرك.
[سنة ست وثمانين ومائة]
فيها توفي الحافظ خالد بن الحارث البصري، وفقيه المدينة بعد مالك أبو هشام المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي، قيل عرض عليه الرشيد قضاء المدينة فامتنع.