فيها عاد المهدي إلى الإسكندرية، فوقعت وقعة كبيرة، قتل فيها نائبه، فرداً إلى القيروان.
وفيها أخذت طيىء الركب العراقي، وتمشرق الوفد في البرية، وأسروا من النساء مائتين وثمانين.
وفيها توفي العلامة فقيه المغرب أبو عثمان بن حداد الإفريقي المالكي. أخذ عن سحنون وغيره. برع في العربية والنظر. ومال إلى مذهب الشافعي، وجعل يسمي المدونة المزورة، فهجره المالكية، ثم أحبوه لما قام على أبي عبد الله السيفي، وناظره ونصر السنة.
وفيها توفي العلامة أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الأصبهاني، إمام جامع أصبهان، أحد العباد والحفاظ.
[ثلاث وثلاث مائة]
فيها توفي الحافظ أحد الأئمة الأعلام، صاحب المصنفات، أبو عبد الرحمن أحمد بن علي النسائي، إمام عصره في الحديث، وله كتاب السنن وغيره، سكن مصر وانتشرت بها تصانيفه، وأخذ عنه الناس، وخرج إلى دمشق، فسئل عن معاوية وما روى من فضائله فقال: أما يرضى معاوية أن يخرج رأساً برأس حتى يفضل؟. وفي رواية أخرى: ما أعرف له فضيلة إلا: لا أشبع بطنك. وكان يتشيع، فما زالوا يدفعون في خطبته حتى أخرجوه من المسجد. وفي رواية أخرى: يدفعون في خطبته، وداسوه، ثم حمل إلى الرملة فمات بها.
وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطني: لما امتحن النسائي بدمشق قال: احملوني إلى مكة، فحمل إليها فتوفي بها. وهو مدفون بين الصفا والمروة، وقال الحافظ أبو نعيم: لما داسوه بدمشق مات بسبب ذلك الدوس وهو مقتول.
قال: وكان قد صنف " كتاب الخصائص " في فضل علي رضي الله تعالى عنه، وأهل البيت. فقيل له: ألا تصنف كتاباً في فضائل الصحابة؟. فقال: دخلت دمشق، والمتحرف عن علي كثير، فأردت أن يهديهم الله تعالى بهذا الكتاب، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وكان موصوفاً بكثرة الجماع.