للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن دريد: مات سيبويه بشيراز، وقبره بها. وقال ابن قانع: مات بالبصرة سنة احدى وستين ومائة، وقال المرزباني وهم فيهما جميعاً، يعني المكان والزمان، قال: وعمره ثمان وثلاثون سنة، وقيل له في علته التي مات فيها ما تشتهي؟ قال: اشتهي أن أشتهي. قلت: كأنه يشير إلى أن المرض حال بينه وبين الشهوات، ولكن قيل لبعض الصالحين في وقت الصحة ما تشتهي: فقال: اشتهي أن أشتهي لأترك ما أشتهي فلا أشتهي، وهذا يشير إلى أن صحة قلبه واشتغاله بالله ومحبته له حال بينه وبين اشتهاء الشهوات، فهو يشتهي شيئاً منها ليخالف نفسه، ويتركها الله عز وجل، فلا يشتهي شيئاً.

[سنة اثنتين وستين ومائة]

فيها توفي السيد الكبير الولي الشهير ذو السيرة الزاهرة والآيات الباهرة العارف بالله المقرب المكرم أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم، قلت: وهذا اشارة إلى قطرة من بحر مناقبه ومحاسنه وما يليق بوصفه في ظاهره وباطنه. وأما قول بعض المؤرخين: الذهبي وغيره: وفيها توفي إبراهيم بن أدهم البلخي الزاهد واقتصارهم في وصفهم له في الزهد الذي هو من أوائل مقامات المريدين المبتدين في مقامات السالكين فذلك غض من قدره وعلو مرتبة، وحط له عن رفيع منزلته، كذلك فعلوا في غيره من السادات العارفين الأولياء المقربين، فالعجب منهم في ذلك كل العجب في اقتصارهم في وصفهم على وصف من هو بالنسبة إلى جلالة قدرهم حقير مع وصفهم لمن هو حقير بالنسبة إليهم ومدحهم له بمدح كثير، والعجب الأكبر قول الذهبي روي عن منصور ومالك بن دينار وطائفة وثقه النسائي وغيره. يا للعجب كل العجب ممن يستشهد على التوثيق والتعديل يقول معدل للمولى المعظم الذي اشتهرت فضائله وكراماته في العرب والعجم. وأغنى من مدحته تلفظ مادحه بابن أدهم. كأنه فيما يخبر به منهم. وهو القائل رضي الله تعالى عنه.

تركت الخلق طراً في رضاكا ... وأيتمت العيال لكي أراكا

فلو قطعتني في الحب إرباً ... لما حن الفؤاد إلى سواكما

وقد ذكرت في غير هذا الكتاب نبذة من مناقبه وكراماته ومحاسن سيرته وسياحاته، وكيف كان أول خروجه وسماعه الهاتف من قربوس سرجه، وها أنا هنا أقتصر على ذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>